تسرق شلن تبقى بلوه و جريمة
تسرق بلد تبقى من الأبطال
و كل ما السرقه تكبر القانون سيما
و كل ما السرقه تصغر فيه حلال و حرام
هكذا تكلم نجيب سرور
فكيف تكلم خيري شلبي؟
أولنا ولد
و كما يقول العامة
الواد يقش
و ها هو الولد حسن أبو ضب الحرامي سليل الفقهاء ابن الصعيد الأوسط الذي نشأ في أحضان الفقر يحكي حكايته من طقطق لسلامو عليكو
و أول ما بيطأطأ حسن أبو ضب و يبدأ النكش في سبرته الذاتية تنفجر ثورة يوليو حاملة قريب له في الأصول الصعيدية لسدة السلطة و هو جمال أبو عبدالناصر حيث طاول العبيد سادتهم و بات حلم المساواة بين ابن الباشا و ابن الفلاح من الكلام المباح و لكن يا فرحه ما تمت.
إن هي إلا صفحات معدودة من عمر الرواية إلا و مات والده و أصبح حسن يحمل هم أمه و أخيه الرضيع و أربعة بنات و هو لم يزل طفلا في الثانية عشر فلا يجد مفرا من الرحيل إلى القاهرة.
الشعب المصري شعب مهاود يا بوي. كالبوصة الخيزران تطويها دائرة في أصبعيك فتتخيل أنه – أقصد أنها – ملك يديك. فإذا ما غفل أصبعك برهة وجيزة اندفع الطرف و ارتدت البوصة عصا مستقيمة كأن شيئا لم يكن. هكذا كان يقول عمي الضرير لجلاسه في مندرتنا. و كلما دعكتني الحياة في مدينة القاهرة أحسست أنني يجب أن أكون مثل بوصة الخيزران لكي أعيش في هذه البلدة دون مشاكل و وجع دماغ و كراهية.
و من القاهرة إلى البلد مرة أخرى بعد ما ضاق به الحال و انسدت الطرق في وجهه ثانية إلا أن البلد على حلاوتها لا تلبث أن تلفظه إلى القاهرة التي بات يحس أنها صارت بلده و موطنه الحقيقي.
هم يضحك و هم يبكي .. واحد يقتل من أجل تذكرة قطار .. و واحد يرمي بنفس التذكرة. نحن ندفع عمرنا ثمنا لتذكرة كهذه قد لا توصلنا إلى أي جهة.
على الإنسان أن يمضي في هذه الحياة بغير تذكرة. لا في القطار و لا في الهباب. حين يزنقك إلحق إدفع و تخلص من الزنقة و السلام. ما بال الواحد منا يضيع وقته في قطع تذكرة. المهم أن تلحق القطار يا أبو العم.
و لأن القاهرة اسم على مسمى فإنها بعد ابتلاعه تجتره مرة أخرى لتمضغه على مهل.
التموين يدخل السجن برضاء العسكر و فوق أنوفهم أحيانا و من وراء مؤخراتهم أكثر الأحايين لكنهم جميعا مرزقون مسعدون و مع ذلك هم يشددون الحراسة على الآخر. عسكر من و بتاع من يا أبو العم. إياك تظن أن في بلادنا بالذات شيئا يمكن أن يمنعه الحراس. أو عملا يمكن أن يخلصه المستوظفون بدون أن تعطيهم عن يد و أنت صاغر. و طالما أن جميع القائمين على الشغل في بلادنا يمدون الأيدي حتى و إن لم يخرجوها من جيوبهم فإن ما تسمونه القانون و الضمير و العدل مجرد كلام في كلام يا بوي. خذ هذا الكلام من أخيك حسن ولد أبي ضب و قلبه في دماغك و أنت تعرف أنه حقيقي. اسأل نفسك هل استطعت طول عمرك أن تقضي أي مصلحة بدون أن تبرطل عليها و ترشو؟
هذا الجزء البديع الذي برع فيه خيري شلبي بعد أن بدأ بحسن أبو ضب الذي يسكن قصرا منيفا يمتلكه في قلب القاهرة ثم عاد بنا في الزمن لنعلم أصله و فصله و منشأه هو جزء عظيم لا يصدر إلا عن حكاء عظيم كخيري شلبي.
هذا فقط هو ما وقفنا عليه من سيرة أبي ضب في الجزء الأول و تبقى لنا الجزء الثاني و ثانينا الكومي ثم الجزء الثالث و ثالثنا الورق