الفقراء > مراجعات رواية الفقراء > مراجعة Mohammed Makram

الفقراء - فيدور دوستويفسكي, سعد الغزالى
تحميل الكتاب

الفقراء

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.3
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

إنني أدرك اليوم أن هناك حاجة إليّ. و أنني لا غنى عني. و إنه ليس من الخير أن يحاول الناس ازعاج انسان شريف دون ما داع لذلك. و أن يناكدوه في أمور سخيفة تافهة. فليعدوني فأرا ما داموا وجدوا بيني و بين الفأر شبها. أسلّم لهم بهذا. و لكن للفأر ضرورته أيضا. ان له نفعا في هذا العالم. و قد يُحرص على الفأر أحيانا و قد يعطى مكافآت .. أنا فأر من هذا النوع.

ماكار دييفوشكين يعيش على هامش الحياة. و كذلك صديقته فرفارا اليكسييفنا. أول روايات دوستويفسكي بعد حياة شاقة حافلة بالانكسارات.

إنه لأمر عجيب أن يستطيع امرؤ أن يعيش في هذا العالم دون أن يخطر بباله أن هناك على مقربة منه كتابا يقص فيه قصة حياتنا كلها شاهد عيان! إن أمورا من حياتي كانت خافية عليّ غامضة في نفسي. فإذا هي تظهر لي شيئا بعد شيء منبثقة من ذاكرتي أثناء قراءة هذه القصة. و إذا أنا أراها من جديد. و إذا أنا أفهمها لأول مرة.

كانا يتبادلان الرسائل بصورة شبه يومية. كهل عجوز لا أمل له في أي شيء حتى الحياة نفسها و فتاة يتيمة تعيش يوما بيوم. كانت الرسائل تهون عليهما الحياة. أحيانا كأنهما أب و ابنته و أحيانا أخرى كأنهما عاشقين لولا الشقاء لبثّ كل منهما للأخر اشواقه و لوعته.

كانوا جميعا أولئك التعساء يزعمون أن لي دماغا متحجرا. و كانوا يهزأون بي و يسخرون مني صراحة. حتى صرت أحتقر نفسي بنفسي. كانوا يؤكدون أنني غبي أبله. حتى صدقت أنني كذلك فعلا. فلما ظهرتِ لي. أضأت وجودي كله. و غمرت بالنور حياتي المظلمة القاتمة. صار كل شيء فيّ عندئذٍ مضيئا. قلبي و روحي. و أخذ كل شيء يشع. و فزت بالطمأنينة الداخلية حين أدركت بفضلكِ أنني لست أسوأ من غيري.

كل عذابات النفس الشقية بالفقر و كل المشاعر الطيبة التي يختزنها المرء و يود لو أن له شريكا يبثه إياها تتجلى في تلك الرواية القصيرة من بدايات دوستويفسكي و تجعلنا نتساءل معه عن كيفية الخلاص من تلك الظروف المعقدة.

لماذا أنت شقية هذا الشقاء كله يا فارنكا؟ يا ملاكي الرقيق. أهذه السيدات خير منك؟ أية ميزة لهن عليك؟ أنت طيبة جميلة مثقفة. فلماذا يكون حظك هذا الحظ؟ لماذا تعيش النفوس الطيبة النبيلة في الشقاء و الهجران؟ بينما لا يحتاج غيرها حتى إلى البحث عن السعادة لأن السعادة هي التي تلقي بنفسها بين ذراعيه؟ أعرف يا ماتوشكا أن هذا التفكير شر. أعرف أن هذا التفكير حرام. فهو لبرالية و زندقة و إلحاد. و مع ذلك فإنني أتسائل صادقا باسم الحقيقة المقدسة نفسها: لماذا خلق نساء للسعادة. بقرار من القدر منذ كن في أرحام أمهاتهن. بينما نساء أخريات يرين النور في ملاجئ الأيتام؟

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق