غداء في بيت الطبَّاخة > مراجعات رواية غداء في بيت الطبَّاخة > مراجعة حنان سليمان

غداء في بيت الطبَّاخة - محمد الفخراني
تحميل الكتاب

غداء في بيت الطبَّاخة

تأليف (تأليف) 4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

"هل تخشى أن تعرفني وأعرفك؟ … "ليس سهلا أن نقتل من نعرفهم". تورث المعرفة التردد على أقل تقدير.

جندي رمادي في الخندق يظهر تردده منذ الوهلة الأولى للقائه آخر بنّي هو الأشد على ما يبدو. الحرب هي الشاهد على الجنديين اللذين تجمعهما نبتة وموسيقى. هي الراوي العليم ولها أيضا صوت تتحدث به في بعض الفصول.

"في الحرب كل منا بالنسبة للآخر ليس بشريا، ليس موضوعا إنسانيا، إنما موضوع للقتل". ما يكسره هو التعارف الذي لا يكون بالشكل المباشر فقط، أنا وأنت، بل بالتعرف على موسيقاك وأغانيك وكتبك ورقصاتك وملابسك وعاداتك، حكاياتك وتاريخك وأكلاتك، وبضع كلمات من لغتك. هكذا نعرف الآخر.

"واجبي أقتلك لا أن أحكي لك عن أمي"، يقول البنّي، لكنه يحكي. ينامان بالتناوب فيحرس كل منهما الآخر. يكتبان الرسائل لأحبتهما ويتفقان على تبادلها حتى يتسنى لمن ينجو أن يوصل رسالة من قُضي.

تذكرني رواية غداء في بيت الطباخة بفيلم مشابه اسمه No Man’s Land عن الحرب في البوسنة والهرسك. جنديان من الضدين وثالث معطل حبسه لغم. فيلم إنساني جميل يفيض بالألم وإن بدأ بالضحك.

يكتب محمد الفخراني على لسان أحد جندييه:

"فكر في هذا.. أنا وأنت الآن داخل هذا الخندق، داخل هذه الحرب، وفي اللحظة نفسها.. هناك.. في مكان ما من العالم، شخص يزرع أرضا، ومقهى يستقبل زبائنه، ورجل يعبر صحراء، وبحار في قاربه، فكر أن كواكب تتحرك الآن في مداها بشكل عادي، وسمكة تسبح في عمق البحر، وحيوان يشرب من نهر، وشجرة تثمر، وفراشة تحوم حول زهرة على قمة جبل، وسحابة تتلون، وطفل يتشكل في رحم أمه.. فكر في هذا كله لتعرف أننا لسنا كل العالم، وأن هذه الحرب الكبيرة مجرد نقطة في عالم كبير مستمر".

بقدر حقيقة العبارة بقدر قسوتها على من يشهدها وهو يدرك أن العالم لن يقف من أجله أو أن إخوته لا يعبأون بمصابه إلى درجة أن يعطلوا حياتهم من أجله، وهي قاسية أيضا على من يود لو أوقف حياته كلها تضامنا لأنه لا يدر سبيلا آخر لمشاركة الألم.

وأحيانا.. نعرف الآخر فيزداد القتال يقينا.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق