" أى العواطف يجيش بها صدرك؟ لم تقهقه ضاحكًا كالفرسان؟ ولم تذرف الدمع كالأطفال ؟."

نجيب محفوظ كاتب عظيم و فيلسوف حكيم يستطيع أن يأخذ عقلك فى رحلة مليئة بالتساؤلات التي لا حصر لها و هنا كان فى رحلة جديدة علينا معه فهذه الرواية تعتبر من أدب الرحلات و هذا مختلف عن ما يكتبه نجيب عادةً لكنه وضع فيها خلاصة رؤيته الفكرية للحياة، رواية عظيمة الشأن، بسيطة فى طرحها و رمزيتها فنجيب لم يحاول تشتيتنا بل وجهنا إليها.

" ديننا عظيم ... وحياتنا وثنية "

نحن امام رحلة "ابن فطومة" الطفل الذي نشأ فى كنف أمه فسمي على إسمها بسبب كره اهله للزوجة الثانية لوالدهم، طفل تربي على يد معلمه من تعاليم الاسلام و رحلاته التي كان يحكيها له عن الثقافات الاخري فى البلاد الوثنية، رحلة معلمه لم تكتمل حتي دار الجبل بسبب نشوب حروب أهلية… الدار التي بها كل العدل و دار الكمال التي لم يصل لها أحد بعد و بعدما تخونه خطيبته و تخونه أمه يقرر ان يكون رحالة ليبدأ رحلته حتي دار الجبل ليكون اول من يكتب عنها و ينقل الثقافات الاخري فى محاولة لأن يرشد مجتمع للطريق الصحيح.

فى رحلته نبدأ رحلة الحضارة بأشكالها من الجاهلية للعلمانية و الاشتراكية فلكل دار حكاية و فى كل رحلة حكمة و قد برز نجيب مميزات كل دار مر عليها ابن فطومة قبل أن يصدمك بالعيوب الكامنة بداخلها التي لا تتجزأ منها مهما كانت الصورة تظهر من الخارج براقة حتي نصل للنهاية عند دار الغروب حيث كل شيء ساكن فى تمهيده للطريق الأخير حيث دار الجبل!.. فهل سوف يصل الرحالة لطريقه و يجد ما يبحث عنه؟!.

القصة أكبر مما تحتويه كلماتي و لأن الرحلة عظيمة تستحق أن تقرأ فلن أسهب أكثر فى تفاصيلها التي لا تحصي لأنها رحلة لا بد منها و عند الانتهاء منها سوف تسأل نفسك ما هو العدل و الطريق اليه؟! كم يبلغ غرور الانسان بنفسه؟!.

من أفضل ما قرأت لعمنا نجيب 🤍