الملهاة الفلسطينية

ثلاثية الأجراس

ج٣ دبابة تحت شجرة عيد الميلاد

ل إبراهيم نصر الله

في حفل ببيت المقدس أقيم على شرف فريد الأطرش غنت مرتا إحدى بطلات روايتنا أغنية "ياللي هواك شاغل بالي لأسمهان ومن تلحين فريد بالطبع، سحرت كل من بالقاعة و:

❞ تصاعد صوتها وهبط، تقدَّم وعاد، تموّج مثل بحر ورقّ كجدول. تسمّرت عينا الفنان الضيف على وجهها، لم يعد قادرًا على التقاط أنفاسه لفرط دهشته. كان لا بدّ أخيرًا من أن تصل إلى نهاية الأغنية، لكن كل من هناك تمنى أن لا تكون للأغنيات الجميلة أي نهايات.❝

أما فريد فقد صفق لها بحماسة مدهشة

ووعدها أن تغني ليالي الأنس بدلًا من أسمهان، إذا ما سافرت إلى مصر حيث مهد الغناء في هذه الأيام..

شارك زوجها إسكندر منذ عدة سنوات في الحرب العالمية الأولى مع العثمانيين، وعاد إلى بيت ساحور سيرًا على أقدامه حاملًا شتلة دراق، حافظ عليها كما لو كان موتها يعني موته لا محالة..

وبعد سنوات وبعد أن صارت الشتلة بستانًا كبيرًا، تقدم لخطبة مارتا ابنة خالته التي طلبت بيانو مهرًا لها..

تتزوج مرتا من إسكندر، ويتقدم إدوارد الذي كان يحبها لخطبة زهيرة أخت إسكندر، بالرغم من أن جارته الحسناء تسكن على حافة الشّباك منذ عودته كما يقول الكاتب..

بين دفتي الجزء الثالث تتدخل شخصيات من الجزء الثاني متمثلة في موشيه وليفي

فهل يوافق أن يتبادل موشيه الكاميرا ببندقية ليفي؟!

وكذلك عادت إلينا كريمة عبود في لمحات.. وعاد لنا ناحوم أو داود بطل الجزء الأول من الثلاثية: "ظلال المفاتيح" ابنًا لموشيه، فهل سيعيد لنا الكاتب غيرهم؟!

يقف ناحوم أمام بشارة ابن إسكندر ومرتا بالمرصاد معذبًا إياه ورافضًا أن يتمكن من إنجاب أطفال، فيسأله ضابط زميلًا له هل سيقف بالمرصاد لكل رجال فلسطين كي لا ينجبوا؟!

ومن بشارة نصل لابنه زيدان وما فعلوه به الصهاينة كرهان فيما بينهم متذكرين حرب فيتنام وما فعلوه بالأسرى هناك..

وكان من أجمل وأقسى المواقف حينما أطفئ بشارة أنوار منزل جديه بعدما استضاف العديد من الجيران وهمس ومعه الشباب والأطفال بكلمتي:"تحيا فلسطين"

ترى لماذا فعلوا هذا؟!

وما أجمل مقولة سلامة عن أطفال الحجارة:

❞ لو كنا مثل هؤلاء الأطفال قبل ضياع فلسطين، لما احتلوا بلادنا. ❝

جاء الحكي في الثلاثية كاملة عن المسيحيين في فلسطين..

إذ أنهم كانوا ولا زالوا ضمن النسيج الفلسطيني وغفل الكثير من الأدباء عنهم..

تتابع المشاهد سريعًا وهذا ما ميز الثلاثية إذ جاءت في صورة مشاهد قصيرة للغاية خاطفة لا تشعرك بالملل..

للمرة الأولى أعرف أن هذه الأغاني ليست لفيروز بل لفتحية أحمد المطربة المصرية:

زوروني كل سنة مرة، الحلوة دي قامت تعجن، طلعت يا محلا نورها..

فيما مضى كان من يرسل رسائل من اليهود إلى فلسطين كان لابد عليه وأن يكتب:

❞العنوان: فلسطين..

⁠‫لأنه يعرف أنه لو كتب: "إسرائيل"لما وصلت أبدًا! ❝

واليوم نتمنى أن يعود هذا الأمر ثانية ..

علمتهم مرتا العزف والغناء ليقف رامي طفل الحجارة يغني أمامها:

❞ في الضفة لي أطفال سبعة

أصغرهم يرضع تاريخا

أوسطهم اسمه جيفارا

أكبرهم ثائر في الضفة

⁠‫يا كل العالم فلتسمع..

يا كل العالم أطفالي هم رئتي

وأنا أصرخ.. أصرخ

⁠‫فليُمْسي وطني حرًّا

وليرحل محتلّي فليرحل.. ❝

مرتا التي كان شعارها:

"الجمال كالوطن، للجميع، والموسيقى هي أعلى مراتب الجمال، مثلما الإنسان أعلى مخلوقات الله مكانةً".

ثلاثية أجيال ومدينة كانت أول من أعلن العصيان على الاحتلال وتفردت بطرق هذا العصيان، ثلاثية تدق الأجراس حقًا. أجراس، إنذار، يقظة، حلم، يقين، ولكن هل من يسمعها؟!

#نو_ها