إن آخر ما كتبه الناشر في هذا العمل : "[...] لكن يبدو أنه يفتقد الضياء" والحق أننا نحن من نفتقد الكاتب ضياء رحمه الله...

من المحزن أننا أمام عمل روائي عظيم فقد صاحبه .. ومن المفرح أن الناشر اختار لهذه الكلمات أن ترى النور، مقدماً بذلك لمحبي قلم الكاتب طبطبة أخيرة وفرصة للبحث عنه بين حروفه وأسطر عمله ..

لا يختلف اثنان في عبقرية الفكرة الأساسية لهذه الرواية، فالجمع بين خبايا الرياضيات، أسرار الكون وفانتازية الوقائع أمر في غاية التعقيد والغرابة. رغم ذلك، يلاحظ القارئ كيف أن الكاتب استطاع تحقيق هذه التوليفة بسهولة وسلاسة تنم عن مدى تمكنه من كل عناصرها وقِطعها ..

اللغة سليمة قوية تتناسب مع متطلبات الرواية ومستوى المُخاطب، والأسلوب مباشر أنقدها من الوقوع في دائرة الملل أو التكرار، فالخيط بين الأحداث رفيع يستدعي استحضار ذهن القارئ كاملا دون تشتت أو قلة تركيز ولم تكن بذلك اللغة أو الأسلوب عائقاً أمام حدوثه ..

صحيح أن الرواية توقفت بعد الفصل الثالث وبعد تويست ذكي قلب الموازين وأوقف الشعر على أصابعه .. مخلفاً وراءه أسئلة كثيرة واحتمالات أكثر لم يكن ليجيبنا عنها سوى الكاتب الراحل رحمه الله، لكن .. عزاؤنا أنها آخر ما تركه لنا ؛ عالم ضياء الفريد الذي سيظل بابه موارباً لا مغلق، لا يمانع أبداً أن يقتحمه كل قارئ حاضر أو قادم ليرسم نهايته بما يناسبه ويترك بذلك داخله أثر اتحاد خيالات القارئ والكاتب معاً .. فيظل هذا الأخير حيًّا بأفكاره وأعماله ..

رحم الله الكاتب، وأسكنه فسيح جناته ..