"سلسلة جني بني النعمان"

حين تعثرت خطواتي يومًا منذ بضع سنوات بأول أجزاءها "عشقني عفريتٌ من الجن" رأيتُها رواية لطيفة بها من الحقيقة على حد قول الكاتبة ما دعم بنيانها ومن الفانتازيا ما نفخ فيها صورتها النهائية لتكون واحدة من ألطف ما قرأت بجانبُها الرومانسي اللطيف والذي تضافر مع الفانتازيا بشكل متجانس تكاد تراه مزيجًا حقيقيًا يصلُك بكل وضوح. لأتعثر مجددًا في الجزء الثاني "حين يتمرد الجان" والذي قبل أن أنتبه لاسم الكاتب وباقي العنوان ظننته عملًا منفصل، ليكون مفاجأة حين انشق عن الرومانسية الحالمة حقيقة كينونَتنا المتمردة وصراعنا الأبدى مع عدونا الأول والأخير، بل كيف ينفذ وعده بأن ينزع عنا لباس التقوى لنُتطرد من رحمة الخالق مثله. ليكون هذا الجزء ببساطة أسلوبه ما جذبني لأظل على انتظار ما سيحدث بعد ذلك.

لتأتيني الطامة الكبرى في "نار السموم" مؤكدة أن لكل منا ماضٍ مخالف لحاضرنا، ولكن لم يكن هذا المغزى بل المغزى الحقيقي في الإعتراف بهذا الماضى ومن ثم مواجهته، لأننا وإن وَأَدناه سيظل يُلاحقُنا أبد الدهر فنَخسر دونه الحاضر، وإن اعتنقناه سنموت دون أن تغادر أرواحنا الأجساد. هذا كان خطأ البطل حين هرب دون مواجهة حقيقة بل حين أَزِفَت ساعة المواجهة لم يستطع أن يصمد بل انجَرف بسهولة حجر صغير سقط من أعلى جبل جليدي ليُكَون في النهاية انهيار قوي دمر كل ما بناه سابقًا في "يراكم هو وقبيله" ربما في النهاية حاول أن يكفر عن خطأه وقد سربله الندم ولكن لا يُرتجى الندم بعد أوانه.

في آخر جزئين قد ظهر التطور في الأسلوب والحبكة أكثر حين لم يغلب انطباع واحد على كامل الجزء كما في الجزئين السابقين بل كان لكل انطباع غايته المحققة ودوره في إظهار العمل بأفضل صوره بل كُلًا منهم مُتَخم بالأحداث تكاد لا تخرج من هوة أحدها لتسقط بالآخر. بالإضافة لتطعيمهم ببعض الشخصيات ذات الدور المهم رغم صغره والذين كانوا بالفعل أبطالًا لقصصهم الخاصة.

في النهاية لا أملك غير أن أقول (لا تخافوا ولكن احذروا، فالنهاية ليست كما تبدو يا رفاق)