كتاب "قد لا تبدو غريباً بعد هذا" من أدب الرسائل، وفي حقيقة الأمر، أنا مُغرم بأدب الرسائل، أشعر بالحنين تجاه هذا الزمن التي كانت الرسائل الوسيلة الوحيدة للتواصل. بعيداً عن كُل تلك الوسائل الحديثة، التي جعلت التواصل أسهل، ولكن جعلتنا أبعد، لسخرية القدر.

تناول الكاتب "فهد الطاسان" العديد من الموضوعات في رسائله، من الأدب إلى العلاقات إلى العائلة، حتى العزلة في نهاية الكتاب عندما ضرب الفيروس كُل ثوابتنا وأجبرنا على أن نجلس في بيوتنا.

المواضيع كانت مُتفاوتة في الجودة، ولكنك ستشعر بحميمية الرسائل في كُل رسالة، فالرسائل ليس واجباً عليها أن تكون كُلها جيدة، هناك رسائل تُكتب لأنك فقط تُريد أن تكتب ما يمر على خاطرك، وأن يقرأه أي شخص، وهناك رسائل تُكتب، لأنك لا تستطيع النطق بما تكتبه يداك، أتذكر في مرة كتبت رسالة طويلة، وبكيت، ثم ألقيت بالرسالة في سهلة المُهملات. للرسائل سحر خاص، أليس كذلك؟

ثم كان هُناك فصل "الاكتئاب"، وهو أفضل ما قرأت في الكتاب، فصل شديد الدقة، في وصف حالة الاكتئاب التي نمر بها، ولامسني في العديد من المرات، شعرتُ أن الكاتب يتحدث عني، أنا مريت بكل هذا، وما زلت أمر بهذا، وتعافيت من هذا، أنا أعرف هذا الاكتئاب أسود اللون، ولكن أن ترى أحداً يصوغه في كلمات وجمل، لتفهم نفسك، هذا هو الجميل حول هذا الفصل، وبكل تأكيد، كل فترة ليست بطويلة، سأمر على هذا الفصل لأقرأه.

ختاماً..

كتاب جميل، ولطيف، فقط تمنيت لو أنني بنفس درجة تفائله في بعض الموضوعات، أن أرى العالم بهذا المنظور الوردي كلون غُلاف الكتاب، كنت أتمنى لو أن وردية الكتاب الحالمة هزمت سودوايتي المُثبطة، ولكن لذلك حديثاً آخر.

يُنصح به كعمل خفيف ورقيق، وعذب.