ولأنني أشعر بالملل وأحب السفر، اتخذت القرار بالسفر مع الكاتبة هبة هنداوي عبر كتابها "على نهر كلايد" في رحلة إلى إسكتلندا، ومن وداع الأحباب في مطار مصر وحتى الوصول إلى الشقة في جلاسجو بدأنا الرحلة.
هناك في جلاسجو... بدلا من الاستسلام للحزن والوحدة وافتقاد الأهل والأحبة، قررت التأقلم سريعا مع الوضع الجديد في الغربة، وبحثت عن كل الفرص للانشغال والاستمتاع بكل يوم وكل مكان؛ فالزوج مشغول عنهم بدراسته _وهذا هو سبب السفر_ للحصول على شهاده الدكتوراه من جامعة ستراثكلايد.
عاشت ثلاث سنوات مع المجتمع الجديد في مغامرات ومواقف لا تنسى، لم تستسلم لاختلاف الدين واللغة، وبحكم دراستها للترجمة اندمجت مع الجميع، وكونت صداقات عزيزة من كل البلاد بل زادت على ذلك بدراستها هناك والحصول على شهادات تساعدها لاحقا في عمل مميز.
لم يمنعهم جو إسكتلندا الغائم والممطر غالبا من الخروج وممارسة حياتهم بل اعتادوا على ذلك، فكانت تخرج كل يوم _بجانب إتمام واجباتها الأسرية_ للاستمتاع بكل الأماكن وقضاء وقت ممتع لها وللأولاد؛ مكتبات عامة وحدائق وأماكن ترفيهية وسياحية ومتاجر، حتى المستشفيات والمحاكم ومراكز اللاجئين زارتها لأسباب ما.
عشقت الحياة هناك؛ فهي جميلة ومنظمة خاصة المرور، وقد وجدوا الاحترام والود رغم أنهم غرباء فلا مجال للعنصرية إلا بعض المواقف البسيطة الصادمة من القليل، ووجدوا اهتمام ورعاية ورقي في تقبل الآخرين، واحترام الأديان المختلفة وشعائرهم خاصة في المدارس. وهناك بساطة في المعيشة دون كبرياء وفخر بالمركز الاجتماعي أو التعليمي أو الوظيفي.
*الكتاب به عدة اسقاطات منها:
الاعتداء الإرهابي من بعض الحمقى المتطرفين والذي يدفع ثمنه الكثير لمجرد أنهم مسلمون.
مشاعر الغضب والكراهية عند مواجهة فتاة إسرائيلية وجها لوجه.
التطرق لفكرة اللجوء السياسي ومدّعيها للحصول على امتيازات مجانية لكل شيء.
وجود بعض الآثار المصرية في الخارج مهداة من الحكومة المصرية بدلا من الاحتفاظ بها.
*رأي شخصي:
الكتاب خليط سيرة ذاتية وأدب رحلات، ولكنه ليس مجرد حكي لسيرة ذاتية فحسب بل هو تجربة مميزة ممتعة ومفيدة.
اللغة سلسة عذبة تملؤها المشاعر في سرد الأحداث والحكايات المنوعة.
أحببت تمسك الكاتبة بالتراث وعدم الاندماج مع ما لا يليق بديننا العظيم، واعتزازها وفخرها بمصر في الخارج، وإظهار مميزات البلد والدفاع عنه.
أعجبني سرد حوار صديقاتها في الغربة باللهجة الخاصة بكل منهن، من سوريا والجزائر وليبيا وغيرها.
وصف الأماكن الترفيهية والسياحية والأماكن العامة والمعيشة هناك باحترافية ودقة وتفاصيل كثيرة لدرجة تخيلها.
وفي النهاية... كما حزنت الكاتبة عند بدء العد التنازلي لمغادرة جلاسجو، حزنت أنا أيضا عند بدء العد التنازلي لقراءة آخر فصول الكتاب.
من نهر النيل إلى نهر كلايد، ثم العودة مجددا إلى نهر النيل كانت الرحلة في كتاب على نهر كلايد للكاتبة هبة هنداوي.