حقيقة > مراجعات رواية حقيقة > مراجعة Mohamed Khaled Sharif

حقيقة - كولين هوفر, عابد إسماعيل
تحميل الكتاب

حقيقة

تأليف (تأليف) (ترجمة) 3.8
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

عندما تنظر إلى غلاف هذه الرواية تجد فتاة ترقص؟ في طريقها إلى السقوط؟ في طريقها إلى النهوض؟ سعيدة؟ حزينة؟ لا تستطيع التحديد، هناك حالة من التشتت والإرتباك تطأك بعدما تُدقق في الغلاف أكثر من اللازم، ولكن من كان يعلم أن هذه الحالة هي أكبر مُمهد للرواية، وأن تلك الحيرة والربكة ستظل ملازمة لك طوال الأحداث، منذ أول حدث بالرواية حتى النهاية التي انقسم حولها القراء.

ولكن قبل أن نخوض في التحليلات الفلسفية للرواية، ودوافع الشخصيات، وحقيقتها، هل نعرف حقيقة الأشخاص؟ يا له من سؤال عميق فلسفي يشي بالحذلقة والفذلكة، ولكني لا أقصد هذا بالطبع، أقصد الأشخاص الذين قضينا معهم سنوات طويلة، عائلتك مثلاً، أصدقاءك؟ معارفك؟ لا ليسوا بهذا القرب، لنقول زوجتك/ زوجك، فلا أقرب من تلك الرابطة التي تجمعكم، جسدياً، أنتما تتلاحمان، زمنياً، أنتما تقضيان كل الوقت سوياً، تمارسان كل الأنشطة سوياً، فهل تستطيع أن تُجزم أنك تعرف شريك حياتك حق المعرفة؟ أنك تستطيع أن تتوقع أفكاره لا أفعاله، فالأفعال محكومة بالعديد من الظروف المُقيدة، ولكن الأفكار، لا، تلك الأفكار لا يحكمها شيء، ولا يمنعها شيء، فهل تستطيع أن تؤكد لي أنك تعرف أفكار شريك حياتك 100%؟ هذا ما تطرحه الرواية كفكرة فلسفية أساسية بجوارها العديد من الأفكار الأخرى بالطبع، ولكن تلك الفكرة هي المؤرقة، هي المُحزنة، والتي ستلعب بك طوال أحداث الرواية، ولربما تتذكر تلك الجملة الخالدة من رواية/فيلم "الفتاة الهاربة":

"عندما اُفكر في زوجتي، دائماً ما أفكر في عقلها، أتخيل كسر جمجمتها الجميلة، أفك عقلها، أحاول الحصول على إجابات."

ولكن لنتحدث قليلاً عن الرواية، دون الخوض في تفاصيل قد تُفسد عليك النهاية بشكلاً ما، لأن الحرق في هذه الرواية سهل للغاية، والتحدث عنها دون الحرق كالسير على الماء دون أن تبتل!

لوين آشلي؛ كاتبة مغمورة لها عدد محدود من الأعمال ليست بذائعة الصيت أبداً، تعيش حياة مُربكة ومُثيرة للشفقة، تجد نفسها أمام عرضاً لا يُمكن رفضه، لتُكمل سلسلة الكاتبة الشهيرة "فيريتي" التي يتبقى فيها ثلاثة أجزاء، ولكن الكاتبة أُصيبت في حادث يمنعها من التحرك أو التفكير أو حتى القيام بأبسط الأشياء، فتوافق "لوين" ليس فقط بسبب المُقابل المادي، ولكن بسبب زوج "فيريتي" ذو الحضور الطاغ، وهو "جيريمي". فتنتقل إلى منزلهم لتنقل من مكتب "فيريتي" الأوراق الهامة والتفاصيل حول السلسلة لتتمكن من كتابة الأجزاء القادمة، ولكنها لم تكن تعلم أنه ينتظرها هناك مصير ظلامي وسودواي، ليست فقط يتعلق بـ"فيريتي"، ولكن يتعلق بها أيضاً.

ومن خلال سرد الكاتبة "هولين كوفر" تتوالى المُفاجآت الصادمة، حتى تتابع النهاية المجنون، الذي لن أذكر منهم شيئاً بالطبع تجنباً للحرق، فهذه الرواية قد تُحرق عليك بكلمة واحدة، رغم أنني أشك أنها قد تؤثر التأثير البالغ، فتلميحات الكاتبة حول النهاية وإشاراتها المُتعددة طوال الأحداث لم يُخفف من وطأة الإلتواءات المجنونة بالنهاية. منذ وقت طويل لما أقرأ رواية بهذا الشغف، رواية جعلتني أسهر وأنهيها بسرعة، أفكر بأحداثها طيلة الوقت ويمنعني التفكير في أحداثها من النوم، تلتهم الصفحات بسرعة وبحمى ملهوفة، تجعلك تتشوق أن تقرأ وتقرأ، وتجعلك تنسحب إلى عالم الرواية، إلى درجة أنني لأول مرة أقرأ "خضات" مكتوبة وناجحة ولها تأثير! ناهيك عن السودواية التي كانت تنتشر ببطء على الأحداث حتى أصبحت في كل شيء، وكل الشخصيات بالتوالي، وأن حتى الإبداع وصل إلى الإلتواءة الأخيرة التي ستجعلك تُفكر ألف مرة قبل أن تُشارك حياتك مع كاتب وخصوصاً كاتب جريمة، لفتت الكاتبة النظر أيضاً إلى أن الجنس الرائع المُثير لن يُكفي ليُقيم علاقة زواج كاملة، سخرت ونقدت ولذعت ذلك وفصلت المشاهد الجنسية بالتفصيل، لنجد أن الزواج أعمق وأشمل وأهم من علاقة جسدية!

ختاماً..

رواية مجنونة وصادمة، مليئة بالأفكار السامة، والخادعة، كل شخصية فيها تُحاول البحث عن الحقيقة، لنجد أن السؤال يجب أن يكون ما هي الحقيقة؟ عندما تُصبح كل الحقائق مُمكنة، فيُمكن أن تصبح كلها زائفة أيضاً، إنها خدعة أصبحنا نقع فيها، وكون الشيء حقيقياً أصبح لا ينفي عدم حدوثه، دعك من هراءي الفلسفي، واستمتع بالرواية التي ستجعلك تلتهم صفحاتها بشغف، وأخبرني، هل أنت من أنصار المُذكرات أم الرسالة؟

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق