اسمي زيزفون > مراجعات رواية اسمي زيزفون > مراجعة نهى عاصم

اسمي زيزفون - سوسن جميل حسن
تحميل الكتاب

اسمي زيزفون

تأليف (تأليف) 4.3
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

اسمي زيزفون

ل سوسن حسن

غلاف غني بالألوان وبه وجه فتاة -معتم بصورة ما- باللون الأخضر، وجزء من جسدها ويداها تحمل باقة من الزهر معتمة هي الأخرى فتضفي على القارىء فضول قوي..

تعود جهيدة أو زيزفون-فهي لا تحب أن نناديها باسم جهيدة- من الغيبوبة للساعات وتستيقظ في بيت أخوها .. استيقظت وهي من كانت تتسائل دومًا:

"❞ وماذا بعد؟ هذا السؤال كان مثل ملل وشعور بأن حياة خاوية وخالية من أي مُتعة ليست جديرة بأن تُعاش. ❝

زيزفون تخطت عتبة الستين، تراعي والدها العجوز مع منير رجل البرية الذي كان يتفقد والدها عشرات المرات لأنه لا يتحمل المكوث في دار ما لمدة طويلة..

قررت زيزفون كتابة مذكراتها فهي تعيش في عدم ولا تهتم الآن سوى بتسجيل لحظات حياتها:

❞ قدحت الشرارة في بالي وعزمتُ على الكتابة، لا لشيء، وإنما للإمساك بالذاكرة قبل أن تذوي وتغور كما الماء في رمال العمر، ولأبحث عن سؤالي المؤجّل ربّما ألاقي جوابًا متأخّرًا له. المهم أن أكتب ❝

❞ قرّرت أن أذهب أنا إلى الماضي بدلًا من دعوته إليّ، سأسجّل حكاياتي، وبعد أن أنتهي منها سأحرق دفاتري وأذرو رمادها❝

❞ ولتذهب الحرب إلى الجحيم هي الأخرى، إنها حكايتي، حتى لو لم يبق زمن إلّا للحكايات الكبرى. ❝

ثورية هي زيزفون ترفض الخزعبلات والأفكار البالية التي يقتنع بها أهل بلدتها وها هي تشعل مراز أبو طاقة خلسة، ولا تبالي أو تخاف لعنته وانتقام حارساته من الجنيات كما يدعون..

تجيد الأديبة كتابة التفاصيل الصغيرة فها هي تستفيض بشرح عن حبقات أم زيزفون قائلة:

❞ الآن بعد أن داعبني الموت انتعشت في خاطري مثل حبقات أمي التي كانت ترشرشها بكفّيها بعد أن تسقيها فتغرف بخفة حفنة من السطل وتنفض يدها فوق الحبقة وتداعبها فتفوح الرائحة لتختلط مع رائحة العبيتران والقرنفل والفلّ البلدي، ثم ترشرش الماء فوق الأرضية المتربة تحت العريشة وأمام البيت أو الدكان ❝

لغة الأديبة العربية سهلة وشاعرية تهيم في روح القارىء بجمل جميلة مثل:

❞ لكن الحياة مشت، أو أنا سرت في أدغالها، أو إن عمري تراكم في ظلال الوعود. ❝

❞ لازمني شعور دبق راح يلعب بوجداني ويحرق أحلامي ويزيدني توترًا أمام الأسئلة الكثيرة التي راحت تتناسل من بعضها بعضًا من دون إجابات. ❝

❞ لكن السفر كان ما زال يختبئ كحلم جميل في داخلي تبرعم على صوت الراديو هنا دمشق، هنا لندن، هنا القاهرة، وعلى حكايات المسافرين الذين يعبرون الدكان ويتركون خلفهم بعض الغوايات الصغيرة وأنا أرتّبها في خزائني السرّية. ❝

كما أنها تتسم بخفة الظل وصدق أحدهم حينما قال: خفة الدم أنثى ..

فها هي زيزفون تحدث نفسها عن الأسرار التي خبأها الناس حتى عن الجآن فتقول:

❞ أنا تلك الجنية، نعم، أنا زيزفون يا ولاد الخايبة. ❝

وما أقسى ويلات الحروب خاصة حينما يتحدث عنها من عاشها في بلاده، تصفها الأديبة بكل عنفوان قلب يأسى ويحزن على حال موطنها سوريا، وتصف لنا مشاعر الناس بدقة ما بين مذبوح وبين لا مبال وغيرهما:

❞ صار الناس متخندقين في الماضي، ومع كل مجزرة جديدة تزداد اللهفة إليه والعيش فيه، الماضي هو الملاذ الآمن يا زيزفون، هو البقعة الوحيدة الواضحة بالنسبة إلى عقول الناس وقلوبهم المتعبة، ❝

❞هذه البلاد ليست لنا، إنها لمن يمجّدون الحرب وأنا لا أطيقها❝

❞بلى كنا الأسياد، إنما على عروش من الجماجم❝

❞ التحديث أبدًا ما بيعني أنو دخلنا بالحداثة، نحن غرقنا بالمنتجات العصرية والحديثة بس بقيت عقولنا متكلّسة وما طلعنا من الماضي ❝

ما بال كل دولنا العربية تعامل الأراض الزراعية هذه المعاملة المجحفة فها هي الأديبة تحكي مآس مشابهة لمآسينا قائلة:

❞ المعامل التي أنشئت في السهل على مشارف جبلة وقريبًا من الضيعة والتهمت أراضي زراعية شاسعة قبل أن تجثم كالوحوش في ذلك الفضاء ❝

تقوم الدكتورة سوسن بشق صدر المجتمع السوري في الريف- على مستوى عدة عقود- وتشريحه وتصف لنا بقلمها هذا المجتمع بمميزاته وعيوبه الاجتماعية والعقائدية والعسكرية والمواريث المجحفة ومظاهر الحداثة والانترنت، وغيرهم، فها هي سكينة عايبة لأنها أرملة أحبت وأرادت أن تتزوج برجل يكون لها ولأولادها سترًا، فوسمت بلقب العايبة وحرمت من التواجد في مجتمعاتهم حتى وإن أرسلوا لها الصدقات والطعام..

وما أبشع التجربة التي مرت بها زيزفون كل تنفي عن نفسها كلمة عايبة وهي في الخامسة عشر من عمرها..

الزمن لدى اسمي زيزفون يتأرجح بين الحاضر والماضي حيث الذكريات ..

والمكان هو قرية صغيرة سورية تتأرجح هي الأخرى بين القرى والمدن ..

والأديبة تراوغنا مرة بحديث مباشر ومرة من الدفتر كما تقول ، أي دفتر زيزفون..

وفي النهاية وظفت الكاتبة الكورونا مع أحلام زيزفون بالسفر بصورة ممتازة.. كما جاءت نهاية الرواية -وخاصة السطور الأخيرة-رائعة تثبت لنا جميعًا بكل أسى أن يد البطش أصبحت عالية..

كنت أتمنى ان تضع الكاتبة هوامش لكلمات مثل: السليقة، الدست وغيرهما إذ أنها غير مفهومة لدى القارىء الغير سوري بل لربما السوري الذي يعيش في المدينة..

شكرًا للأديبة على هذه الرواية الدسمة التي علمتنا خفايا سوريا الحبيبة ..

مع تمنياتي لك بمزيد من التألق ..

#نو_ها

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق