كتاب "دروس الحُب" كتاب سيدخل قائمة أهم الكُتب التي قرأتها بلا شك؛ سأعيد قراءته مراراً وتكراراً وفي مراحل حياتي المُختلفة. لأنه لم يكسر فقط الطريقة النمطية عن الحُب ولكنه تطرق إلى ما بعد البدايات السعيدة؛ ما بعدها بكثير حتى أصبح نموذجاً ليس من الضروري أن يرشدك وتمشي عليه بحذافيره، ولكنه بكل تأكيد سيعرض لك بعض النقاط والتفاصيل التي ستجعلك تصرخ قائلاً: كيف عرف الكاتب بهذا؟ وكيف يستطيع أن يربط المواقف بأخرى شديدة الخصوصية؟ ويُفسر بطريقة فلسفية مُبسطة شكل الحُب؛ الحقيقي؛ المُعاصر؛ والذي يختلف تماماً عما تقرأ عنه، وتشاهد أفلام ومسلسلات "تجارية" عن الحُب المزيف وشكله الذي لا بُد أن يكون له شكلاً معيناً وإلا فهذا ليس حُباً!
من خلال حكاية رابح وكريستين وعلاقتهم وبدايتها، يُسلط "دو بوتون" الضوء على العديد من المشاكل المُعقدة والبسيطة التي تواجه أي مُتحابين، من البداية وجمالها حتى تتوالى الأحداث، وتكبر العلاقة، وتآخذ شكل الزواج وما بعده.. حتى الإنجاب وتبعاته؛ ظروف عمل كُل طرف، والخيانة الزوجية وشكلها -ورُبما هنا نقط اختلافي الوحيدة مع الكاتب ولكنها مُبررة بشكل مُقنع ولكن غير أخلاقي- وحتى الجنس وأشكاله المُختلفة -من وجهة نظره بالطبع- ووجدت في الجنس آراء سوية لم أقرأ مثلها لغربي من قبل! وهذا كان سبباً كافي لأرى أن "دو بوتون" بفلسفته هو واحد من أهم الكتاب المُعتدلين السويين؛ إلى أبسط المشاكل التي لا نعرف سببها؛ ولكن يُقدم "دو بوتون" أسباب منطقية أحياناً وفلسفية أحياناً عن أسباب تلك المشاكل وحلها، والتي تندرج جميعها تحت نطاق الحُب.
هذا الكتاب من أهم الكتب التي قرأتها في حياتي؛ هناك بعض المواقف وجدت نفسي أقول: من فضلك يا دو بوتون أترك لي بعضاً مما في بالي، لأستر به نفسي بعدما عريتني أمام نفسي وكأني أنظر إلى مرآة ولست أقرأ كتاب!
كتاب واقعي، صادم، وهام.
وبكل تأكيد يُنصح به.
للأبد.