رجل القش > مراجعات كتاب رجل القش > مراجعة Nadjm Eddine Benbouzid

رجل القش - يوسف صامت بوحايك, وليد الجعل, محمد غانم, ساجد العبدلي, هشام زكي
تحميل الكتاب

رجل القش

تأليف (تأليف) (تحقيق) (تحقيق) (إشراف) (مراجعة) 4.6
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

كتاب "رجل القش" لمؤلفه يوسف صامت بوحايك يُعَدّ من أوائل المساهمات الجادة في إثراء المحتوى المعرفي العربي ، بمجال فكريّ متميّز أخَذَ في العقود الأخيرة من القرن العشرين، مكانةً مرموقة واهتمَامًا لافتًا من قبل الباحثين في الدراسات الفلسفية أو الدراسات المنهجية فيما يسمى ب"نظرية المعرفة" ، ألا وهو "مجال التفكير النقدي". هذا الأخير أتى كمحاولة من هؤلاء الميتودولوجيين لتجديد المنطق القديم وتفعيله في الحياة الواقعية بعيدًا عن التجريد المعروف به ، نظرا للانتقادات المتكررة لهذا المنطق من قبل جمعٍ من الفلاسفة والعلماء سواء في شِقّه الاستنباطي الغير المنتج أو في شِقّه الاستقرائي الغير يقيني، وهو لا يزال بالمناسبة في طور النضج والتكوين لأن مجالات تواجده في ابواب المعرفة لم تُسْتقصَى جميعا ، ولا زالت الى الآن في مرحلة الاستكشاف والتأسيس.

تناول المؤلف في الجزء الأول من كتابه بالشرح السهل والممتع عديدًا من القضايا المهمة في الحقل الفكري والمنطقي ، كالفرق بين المنطق الصوري واللاّصوري ،الفرق بين التفكير والمنطق والعلاقة بينهما ، عملية تركيب الاستدلال الصحيح ، حاول تقريب مفاهيمها قدر المستطاع الى عقول المبتدئين واختصر عليهم رحلة شاقة لتحصيلها في كتب هذا الحقل.

كما تعرض المؤلف للمغالطات بنوعيها الصورية واللاصورية (وهي ما ركّز عليه في هذا الكتاب) ، والفرق بينهما ومختلف الدوافع التي تضطر الإنسان للوقوع فيها كالاعتقاد بمركزيته الذاتية أو الدينية أو العرقية الناتجة أساسا من أنانيته التي جُبِلَ عليها منذ نشأته الأولى.

أما في الجزء الثاني والثالث ، فقد خصّصهما للمغالطات اللاّصورية والانحيازات الادراكية وان كان لم يستوعب جميع الانحيازات الا انه اتى على معظمها والمتداولة بكثرة ، وهي جميعا على الغاية من الأهمية لأنها لصيقة جدًا بواقع الناس وتقضي بشكل كبير على الفوضى الفكرية بينهم والتي التبس فيها الحق بالباطل عند أكثرهم.

من أهم المغالطات التي لفتت انتباهي وأرى أنّها تنفذ في صميم الحوار الفكري بين النّاس هي " مغالطة المغالطة" وكما عرّفها المؤلف بقوله " هي الاعتقاد أن نتيجة الطرف الآخر مخطئة لمجرد أنه قام بمغالطة أثناء الاستدلال ، فأن يقوم شخصٌ بمغالطة لا يعني أن نتيجته خطأ بل يعني أن استدلاله كان خاطئا ، وأنه محامٍ فاشل عن قضيته ، ولكن قضيته قد تكون صحيحة " ، أو بتعبير أرثر شوبنهاور " مفسدة البرهان علامة الخسران " .

وفي جانب الانحيازات الادراكية ، ف"نقطة الآنحياز العمياء" أعتبرها أهَمّ انحيازٍ إلى جانب الانحياز التأكيدي ، لأنها تُصلِحُ خللاً عميقًا في نفسية الانسان ، هو الاتكال المفرط على ذاتيته وإعطاءها قيمة أكبر مما تستحق وتجاهل نقدها أو محاسبتها ، وهي كما عرّفها المؤلف " هي ميل الإنسان للإعتقاد أنه أقل عرضة وتأثرًا بالإنحيازات الإدراكية ، فالجميع ينجح في تعقّب انحيازات الآخرين بدقة لكنّهُ يعجز عن ملاحظتها في نفسه".

قرأتُ هذا الكتاب بعد إتمامي لكتابي " المغالطات المنطقية " للدكتور عادل مصطفى و" فن التفكير الواضح " لمؤلفه الانجليزي رولف دوبلي ، فوجدته كتابا وسطًا بين الكتابين ، ففي حين ركّز د. عادل مصطفى على المغالطات المنطقية وتعمّق في شرحها وإبراز تواجدها في علوم مختلفة كعلم اللغة وعلم النفس والفلسفة والتاريخ ، بينما ركّز رولف دوبلي في معظم كتابه على الانحيازات متوسعا في ذكر أمثلتها من واقعه الاقتصادي الذي يتفاعل معه بشكل دائم بالنظر لموقعه كرجل أعمال في انكلترا، جمع يوسف بوحايك بين المغالطات والإنحيازات مع اقتصاره في التمثيل لها على الواقع الحياتي والمجتمعي و ما هو متبادل بين الناس بشكل عام ،مع الاشارة أحيانا الى مسائل علمية أو فكرية .

مع التنبيه أنه لا يغني كتاب من هذه الكتب الثلاثة عن الآخر ، إذ كل واحدٍ من بينها يشتمل على فوائد لا يحتويها غيره.

وفي الأخير لا يسعني إلا الاعجاب بهذا العمل الرائع والجهد المشكور للمؤلف ، وأدعو طلبة العلم و كُلّ سَاعٍ للحقيقة أن يقرأ هذا الكتاب وغيره من هذا الفن ويجعل محتواه كزاد معينٍ في رحلته الفكرية، وسيكون هذا الكتاب من التصانيف العربية المنصوح بها من قبل المتخصصين لدراسة هذا المجال ان شاء الله.

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
1 تعليقات