ضياع ديني: صرخة المسلمين في الغرب > مراجعات كتاب ضياع ديني: صرخة المسلمين في الغرب > مراجعة To Da

ضياع ديني: صرخة المسلمين في الغرب - جيفري لانج
أبلغوني عند توفره

ضياع ديني: صرخة المسلمين في الغرب

تأليف (تأليف) 3.5
أبلغوني عند توفره
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

تطرّق الكتاب إلى عدة قضايا منها العلاقة بين الإنسان والخالق ، وقضايا المرأة ومعاملة المراكز الإسلامية لها ، ومسألة العادات والتقاليد وربطها بالدين ، وقضية النقد المنطقي وطرح الأسئلة، وهيمنة القائمين على المساجد وتبنيهم لمذهب معين، وغيرها من المشكلات التي يواجهها المجتمع الإسلامي في أمريكا وخصوصاً الجيل الثاني ومعتنقي الإسلام الجدد.

هدف الكتاب ومغزاه هو فصل الدين عن الثقافة ، هذه هي أكبر المشكلات المطروحة.

فالإسلام الذي جاء به المهاجرين المسلمين إلى أمريكا مشرّب بالعادات والتقاليد السّائدة في مجتمعاتهم لدرجة جعلوها من الدين الذي لا يمكن مخالفته ، مما سبب مشكلة لدى الأمريكين المسلمين ووقوعهم في هوّه كبيرة بين ثقافة المجتمع الأمريكي الذي يدعو إلى التّحرر والنّقد ، والمسجد الذي يمثل ثقافة بلاد أخرى ويشيع فيه التّشدد وكتم الحريات ومنع التّساؤل .

هذا الكتاب فتح عيني على أمور جديدة بالنسبة لي ومشاكل متجذرة في مجتمع المسلمين الأمريكي ، وزاد وعيي بأهمية البحث عن الحلول مقاربة ، وغيّر وجهة نظري في كثير من النواحي المتعلقة بضرورة الإنفتاح على الآخر ومراعاة ظروفه وفهم مشاكله قبل إجباره أو محاسبته على ما يمكن اعتباره خروج عن الشرع -وذلك ما كان يفعله النبي مع الناس ولكننا لا نرى الأمر بهذه الطريقة -..

تعلمت أنه من أساسيات الدعوة تعلّم طريقة تفكير أي مجتمع قبل دخوله للتأثير به بطريقة متناسبة مع اهتماماته، ففي حالة الأمريكان فهُم -كما فهمت في الكتاب- يهتمون بإعمال العقل والمسائلة والنقد كما يهتمون بالأمور الروحية ، وغياب أحدهما يسبب إنهيار في مفهوم الدين بالنسبة إليهم وسيتخلوا عن المساجد وربما عن الدين كله.

في بداية الكتاب عرض الكاتب تجربة انتقاله من الإلحاد إلى الإيمان ودراسته للقرآن دراسة نقدية وما مرّ به في هذه المرحلة من مشاعر .. وهنا دهشت حقاً بوعيه وفهمه لكلام الله وتعمقه العظيم بالمعاني وفلسفة الحياة ، رأيتها غريبة وغير مألوفة لا تخطر على بال.

كان من أكثر ما أعجبني تساؤله عن علاقة العمل الصالح بالقرب من الله ، نحن دائماً نفهمها أننا لما نطيع الله بالعمل الصالح سيحبنا الله ونقترب منه أكثر بسبب الطاعة نفسها ، فالاقتراب سببه الطاعة لا أكثر .. أما هو فقد فهمها بشكل آخر .. أن العمل الصالح الذي يتمثل بالرحمة والرأفة والإحسان والعدل والبر والغفران والعطاء وجميع ما أمرنا به القرآن في الآيات التي حثّنا فيها بقوله ( إن الله يحب .. ) رأى الكاتب أنها تتقاطع مع أسماء الله الحسنى ، فكان سبب اقترابنا من الله عند رحمتنا لغيرنا مثلاً هو أننا نزداد معرفة وإحساساً بمعاني اسمه الرحيم ، وكلما أعطينا ازددنا إدراكنا لمعنى اسمه المعطي .. وكلما أكثرنا في أي عمل صالح ازدادت قدرتنا على معرفة الله والإحساس به ، وهكذا نقترب منه وتتأصل فينا اسمائه وتتعشق فينا مضامينها.

وقد شرح ذلك بقوله أننا عندما نريد أن نقترب من الآخرين نتوجّه إليهم بالشيء الذي نشاركهم فيه ، فإذا أردنا الاقتراب فكرياً من أحد ما فإننا نتوجه إليه عن طريق العقل ، وإذا أردنا الإقتراب عاطفياً نتوجه إليه بالمشاعر، وكذلك الأمر عندما نريد الاقتراب من الله بما أنه منبع الخير اللامتناهي فإننا نقترب منه بفعل الخير الذي زرعه فينا، "هذه هي روح الله" . فبالتالي خير الله يصل للآخرين من خلالنا .. وينتهي بالإقرار بأن هذا معنى خلافة الله في الأرض .. ولهذا خلقنا ( إني جاعل في الارض خليفة )

طول قرائتي للكتاب وأنا ألحظ روحانيته العالية وتأمله العميق وهذا ما شدني للقراءة أكثر.

وقد ضمّن في أثناء حديثه عن رحلته مع القرآن؛ بعض الأسئلة التي وردته من الناس مما له علاقة بهذا الموضوع ، وردُّه عليها ..

إلا أنني لاحظت بعض الفهم المغلوط لبعض الآيات ، عذرته عندها بسبب حداثة عهده بالإسلام وعدم اطّلاعه على مصادر كافية لفهمها، و تأثير بيئته وثقافته عليه.

الكتاب يطرح ويناقش قضايا تهمّ أغلب الشّباب المسلم وغير المسلم ، ويجيب على اسئلتهم التي تخص فلسفة الحياة والموت والآخرة والعقل والإيمان ، والتي تنمّ عن مشكلات نفسية ومجتمعية وعقائدية خطيرة سائدة بينهم ، ودائماً لدي قناعة أن خير من يجيب على هذه الاسئلة هو من كان قد وقعت في قلبه من قبل وهداه الله الى إجابتها .. فهو من يعرف موضع الخلل وإجابته تكون شافية محيطة بجميع جوانب التساؤل .

"على الرغم أني أظن في بعض الأحيان في أن إجابات كاتبنا كانت عكس ذلك"

كما أنه لديّ بعض التّحفظات على فكر الكاتب من ناحية عدم اعترافه ببعض الأحاديث الصحيحة أو قوله بخطأ نقلها وبعض الأفكار التي أعتبرُها تحررية منافية للدين . وكان مضمون حديثه ينمّ بأن الأحاديث النبوية من الثّقافة التي ليس بالضرورة الأخذ بها هو ما أعترض عليه بشدة . ألم يعرف أن الرسول ماينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى؟؟ وأن أقواله ليست ناجمة عن بشريته وإنما بوحي من الله ؟!. وأن السنة مكمّلة للقرآن.

من الملحوظ أن الكاتب ركّز كثيراً على مشاكل المرأة المسلمة في أمريكا مع القائمين على المساجد ومع الشارع ومع الحجاب، ووضعها في الإسلام وأورد الكثير من الرسائل التي وصلته بهذا الصدد، مع أنني مؤمنة أنه يوجد الكثير من الأخطاء التي يجب تلافيها عند معاملة المرأة إلا أنها ليست ضمن طريقة الحل التي وضعها الكاتب أو كالتي طرحتها بعض الأخوات السائلات التي طالبت بصلاة النساء في صف على يمين أو يسار الرجال ، وبأحقية إمامتهم بالصلاة أو حقها في الخطابة!!

وفي معرض حديثه عن إعمال العقل والمنطق في الدين لا يمكن التغاضي عن أن الكاتب يدعو إلى شيء أعتقد أنه لو بُدِئ بتطبيقه فسيحصل انقسامات كبرى في المجتمع الإسلامي وكلٌ سيتكلم بهواه، هذا عندما دعى إلى التساؤل والشك ونبذ أمور هي من أصول الدين -وهو لا يعلم - ، وما كان المسلمون منقسمون إلى فرق وطوائف إلا بسبب أن كل منهم حاول إعمال عقله في أمور هي من الدين وأصول العقيدة وحاول التشكيك فيها وأدخل هواه وآراءه الشّخصية فأدى ذلك إلى الفرقة وكلٌ تعصّب لرأيه .

لا نقول أن إعمال العقل والنّقد هو سبب في الخروج عن الدين ، على العكس فدائماً ما يدعو القرآن إلى إعمال العقل فالدين يثبت بالعقل والمنطق ويترسخ ولن يوجد فيه ما يخرقه إذا أُعمل العقل، لكن إعماله مع إدخال الأهواء والآراء هو الذي يؤدي إلى الفتن .. سواء كانت قصة خلق القرآن أو الخلاف على معنى القضاء والقدر أو خلاف المعتزلة الذين كانوا أهل الكلام والمنطق ( الذي يدعو إليه الكاتب ) مع أهل السنة ومع الخوارج وغيرهم ، هذه كلها كانت مسببات للفتن ومخرجات عن السنة النبوية ، ومن أجل اتقاء شرها قام المسلمون بحسم المسألة والدعوة إلى التّمسك بشرع النبي الأصيل واتباعه من غير إدخال الأهواء إليه ، وهذا سبب عدم رغبة المسلمين في دخول هكذا نقاشات لأنهم يعلمون إلى ما ستؤدي.

في آخر الكتاب أرى أنه من الخطأ إيراد شكوك الناس واسئلتهم من دون إيراد الرد عليها وتفنيدها ، إذ إن هذا يهوي بالقارئ الضعيف الإيمان بهوة الشكوك التي لم تكن تخطر على باله ولربما لن يجد من يجيبه عليها بالشكل الصحيح.

Facebook Twitter Link .
11 يوافقون
اضف تعليق