في "لعبة العروش" لم ينافس الملك السكير روبرت باراثيون على عرش الممالك السبع إلا الملك الشحاذ فسيرس تارجارين لكن الآن يحتدم الصراع في "صدام الملوك" بين ستة ملوك (خمسة رجال وامرأة)

قد يحتوى عالم الرواية على تنانين حية وتقوم فيها الجثث من الموت لتتحرك من جديد ويتحكم الوارج فيها بالحيوانات ويرى ما تراه ويحس ما تحسه لكن ومع كل هذا الخيال الجامح تبقى الإنسانية متغلغلة بكل واقعيتها في كل فصول الرواية وجميع شخصياتها. تبقى بشاعة الحرب شاهدة على مدى ما يمكن أن يمارسه البشر على بعضهم البعض من أجل السلطة والمال والأرض. الرواية تحدث في عالم غير عالمنا لكن الإنسان فيها هو نفسه الإنسان الذي نراه في المرايا ونتحدث معه في المنزل والعمل ونسمع عن بطولاته وخزيه في منصات التواصل الاجتماعي ونشرات الأخبار.

يقدم الروائي المتألق جورج ر.ر. مارتن في هذا الجزء سرد ملحمي لعدد من التكتيكات السياسية والعسكرية بشكل مبهر لا تدع مجال للشك في سعة معرفة هذا الرجل التاريخية والنفسية. السرد مرعب ومقرف في واقعيته ووحشيته لا يوفر فيه الكاتب عليك أي تفاصيل لانحطاط البشر عندما يقاتلون بعضهم وتداس تحت آلات الحرب كل القيم ومعها المئات ممن لا دخل لهم بسبب الحرب أصلاً. وبالعكس يصل للمعالي فيها ليس فقط الأبطال لكن العديد من المرتزقة والسفاحين عباد الآلهة الرحيمة وغير الرحيمة. لأجل الحب وصلة الدم يستباح الحب وصلات الدم وليس هنا من شخصية يشار لها بالبنان أكثر من سرسي لانستر وتخونني الكلمات في وصف عظم دورها في عالم أغنية الجليد والنار.

لمحبي المسلسل التلفزيوني هذه الرواية تحتوي على كمية أكبر من سابقتها من الأحداث التي تم تغيير سرد وقائعها وهو ما يعني المزيد من الاستمتاع بقراءتها ومحاولة مجاراة الكمية الخرافية من الشخصيات والأحداث المتشابكة في متاهة رائعة