اشتدت في تلك الآونة المجاعة على مصر المسكينة، شح النيل العظيم وبخل، ونفقت معظم بهائم الوادي، وبرزت ضلوع الأطفال وانتفخت بطونهم، صار الدرهم لا يكفي ثمن زيتونة، وعرضت النساء أنفسهن لمَن يملك الخبز، وزادت السرقة وذبح الكلاب وأكلها، وبدأت تلمع في عيون البشر فكرة أكل البشر، وتجشع التجار جشعًا فوق جشعهم، وعملق الولاة الأسوار حول قصورهم، وانعزل الأغنياء في مناطق مسوَّرة هروبًا من رائحة الجوع ومنظره، وتركت السلطة الناس للجوع ينهشهم وأعطتهم ظهرها، واحتفظت فقط لنفسها بعين يقظة لا تتدخل إلا لحفظ الأمن حين يصل انفلاته إلى نقطة خطرة على العرش.
مشاركة من إبراهيم عادل
، من كتاب