اقتباسات من كتاب نوبة حراسة الأحلام

أيقنت أن العالم ما هو إلا دوائر من التكرار، من العود الأبدي حول لحظة بعينها؛ مرة نكون أبطالها، ومرة نكون مادة اكتمال المشهد لبطل جديد؛ مرة نتلقى الجمال، ومرة نمنحه.

لا يُروِّض القلق إلا رائحة الأحبار النفاذة للكتب الجديدة.

ودَّعتُ جدتي لا بحزن من يغلف جسدًا ميتًا بكفن، إنما بحنان من يغلف هدية ليرسلها إلى أمه في الضفة الأخرى، عسى أن تكون مؤنسة لها

أنا أنتمي إلى جيل كامل حطمته ثورته عندما خرج أبطاله مثل «دون كيشوت» يحاربون طواحين الهواء بخريطة قلوبهم لا خريطة العالم الذي يفغر فاه لابتلاعهم.

يمكن للمرء أن يفر من شروط زمنه ومن أعدائه ومن قدر يُطبِق عليه فكيه، لكن لا فكاك لأحدهم من نفسه.

لا تدفعنا نسختنا المثالية لنكون نبلاء طوال الوقت، لا تحمينا من شرورنا، بل يمكن أن تكون وقودها، لكنها تنتقم فقط بأن تخلق بداخلنا تلك الغصة، تلك الحكة في منتصف الظهر التي لا تصل إليها أيدينا أبدًا، ذلك الصوت الهامس الذي يخبرنا أننا مهما تظاهرنا أمام الآخرين ففي قلب كينونتنا نظل أسرى محاكمة، مدانين لأننا خنَّا مثالياتنا القديمة.

جيل «واي» ملعون بمقارنة خيارات حياته بحيوات لا متناهية معروضة على الشاشات. جيل «واي» ملعون بقدرته على ملامسة القضايا الكبرى دون التأثير فيها.

‫ عبر شاشة هاتف رخيص الثمن في بلدك، تتابع بثًّا مباشرًا لثورة هنا وحريق هناك، وتمرد على الضفة الأخرى من العالم. القضايا الكبرى مقدمة لك ومغلف معها عجزك الشخصي عن التأثير فيها إلا بضغطة زر.

يحمل الأمر رعبًا شعريًّا من نوع نادر، وهو خوف أن تقابل المعجزة في بداية الرحلة، خوف أن تمنحك الحياة جوهرة الوصول والوصال في خطواتك الأولى، فتغادرها خوفًا من أن تكون ساذجًا تسلم زمام قلبك لأول حكاية تبدت لك، وطمعًا في إغراء لا يُقاوَم من احتمالات المستقبل التي لا بد من فض بكارتها.

لا يتعلق الحب أبدًا بأن نحب الأشياء ذاتها، إنما نحب إشراقة وجه من نحب. أُحضِر لأمي أشياء تحبها لا أفهمها، وتُحضِر لي كتبًا قديمة أحبها ولا تفهمها، وتُعبِّد الأشياء جسور الوصال بين إشراقتين لوجوه نضرة. يهمس «منير»:

‫ ساعات أحب حاجات ما يحبهاش غيري

‫ في الرايحة في الجايات بغني مع طيري.

يقدم الكون على ما هو عليه: مكان بارد قاسٍ لا مبالٍ، لا ينبت فيه الحب على الأشجار ويسقط في حجرنا بتمام نضجه، مكان علينا فيه أن نقاتل بضراوة لنجد القدر الكافي من الحب الذي يمنعنا من قتل أنفسنا.

لا يشيب المرء إلا بموت أمه، لو بلغت السبعين وأمك معك فأنت لا تزال طفلًا، ما دامت ثمة عينان أنت مودع فيهما كطفل يلعب.

مال عليَّ وأخبرني بما بدا أنه سر لن يخص أحدًا سوانا: «أنا أخاف طوال الوقت، لكن، كل مرة، تنتهي الأمور على ما يُرام.»

مال عليَّ وأخبرني بما بدا أنه سر لن يخص أحدًا سوانا: «أنا أخاف طوال الوقت، لكن، كل مرة، تنتهي الأمور على ما يُرام.»

الاشتياق زاد النصوص الجيدة، لكنني أتمنى مقايضة الكتابة بساعة وصال واحدة.

لا يتعلق الحب أبدًا بأن نحب الأشياء ذاتها، إنما نحب إشراقة وجه من نحب.

«السير الصارم وفق الخطة الموضوعة مسبقًا يقتل معجزات صغيرة، ممكنات صغيرة

أيقنت أن العالم ما هو إلا دوائر من التكرار، من العود الأبدي حول لحظة بعينها؛ مرة نكون أبطالها، ومرة نكون مادة اكتمال المشهد لبطل جديد؛ مرة نتلقى الجمال، ومرة نمنحه.

تُطوِّر الكتابة في صاحبها جانبًا سيكوباتيًّا خفيًّا، لا يستشعره الكاتب إلا في لحظة بعينها، عندما يتعرض لمأساة تظهر آثارها على ملامح من حوله، لكنه ينفصل للحظة عن الحدث، جزء من الثانية يخبر فيه نفسه بانتشاء مخيف أن تلك المأساة تخفي مفارقة، تخفي قصة جيدة.

‫ لا أحد يستشعر هذا الانفصال في غمرة طوفان شعوري مأساوي إلا السيكوباتي والكاتب، الأول ينفصل لأن الحدث لا يؤثر عليه، والآخر ينفصل ليسجل جمالية الأمر: أنه وجد مفارقة يجب أن تُروى.

«الفارق بين ذكرياتنا الكاذبة والحقيقية يشبه في إدراكه تعاملنا مع الجواهر؛ دومًا، الجواهر المزيفة تبدو أكثر حقيقية وبريقًا لمن ينظر إليها.

الألم جزء من شرطنا الإنساني، لا يمكن تجنبه، أما المعاناة فاختيار، والفارق بينهما أن الألم دومًا جزء من عملية نمو، أو تجاوز، أو وصول، عرض جانبي لسعي نحو معنى أكبر من الألم، بينما المعاناة هي أن تعايش الألم دون أن يكون جزءًا من عملية نمو، دون أن يكون قاربًا يوصلك إلى شيء أكبر منه.