لا أعلم هل عليّ أم أمقت الكاتبة لعدم صدق توقعي، أم أُثني عليها؟
يدفعني حُبّي للقهوة الإنتظار لدقائق طوال حتى أحصل على فنجانٍ أعده بحب، ودومًا ما شاركني هذا الترقب الملل، ولا أجرؤ على إشعال القبس أكثر فيُفسد فنجان قهوتي؛ لطالما أنتظرت صباح كل يوم كي أعدّه، فلأول مرة أقرر إصطحاب صديق أخر يشاركنا _أنا والملل_ لتمرَّ الدقائق كثوانٍ من فرط الحماس الذي دفعني إليه رواية "الفصل الأول من الجريىمة".
_اسم العمل: الفصل الأول من الجريىمة
_الكاتبة: يارا رضوان
_صادرة عن دار سين للنشر والتوزيع
_نبذة عن العمل : "نوفمبر الشهر الذي يغرق فيه الكُتاب بين ملفات مشاريعهم المرتقبة، تغرق فيه الكاتبة السرّية للأدب البوليسي داخل أربع جرائم قتل حقيقية جدًا... فهل كانت تتوقع أنها ستمضي الشهر ركضًا خلف قاتل مجنون، فقط بسبب استلامها لرسائل إستغاثة عن طريق الخطأ؟! "
_
حاولت جاهدة إستنتاج القاتىل بمتابعة تسلسل الأحداث والتركيز على جميع النقاط مستغلة المعلومات التي أدلت بها الكاتبة عن أدب الجريىمة، لأكتشف "إني أعرف أنني لا أعرف" المبدأ الذي تبنته الكاتبة ودُون على غلاف العملِ، لأجدني أجزم صدق ما تبنته.
"الفصل الأول من الجريىمة" ليس العمل الأول للكاتبة وليس أول ما أقرأ لها، كلمّا كتبت نمى تطورها بشكلٍ ملحوظ، منذ بداياتها وأنا على يقينٍ تام بأنها لا تكتب _فقط_ وإنما ترسم لوحات أجاد عقلي تخيلها، يخيل ليّ دومًا أنني في حيزٍ مع الأبطال، وأنني أحد المشاهدين أنظر من على بعدٍ كيف تتسارع الأحداث، وكيف يقابلها أبطالها، وهذا تحديدًا ما يجذبني للقراءة.
_
اللغة: فصحى سردًا وحوارًا.
ولأنني أصنّف نفسي من هؤلاء الذين يعشقون اللغة العربية الفصحى، فأدين بالشكر للكاتبة؛ على محاولاتها الدائمة للمضى قدمًا والتحليق في سماء اللغة.
_
الغلاف: لم أكن لأفهم لما شطبت الكاتبة اسم "لينا مسعود" _التي لا أعلم من هي في بداية رؤيتي للغلاف_ لتضع اسمها "يارا رضوان" حتّى تابعتُ سير الأحداث فعلمتُ السبب، وأن كان دهاء الكاتبة يظهر مرتين: الأولى في صياغة الحبكة، والثانية في وضع اسمهما بهذه الطريقة.
وبالطبع لا يمكن نكران فضل المصممة التي لولاها لم يظهر الغلاف بهذا الإبتكار قط.
_
الشخصيات: خدمت كل شخصية العمل، وإن كان ينقص العمل أن تستفيض الكاتبة بالشخصيات بشكلٍ أكبر من الأحداث في وصفهم.
_
إقتباسات: "قديمًا كنتِ تتذكرين كل كلامي ... تتذكرين الكلام الذي لم أنطقه حتى! "
"الحياة، اللعبة التي تصرُّ على الدوران مهما تساقط اللاعبون منها، أراها اليوم تمارس دورها المرسوم بإتقان فتدور وتدور متجاهلة كل العبث المترتب على استمراريتها... وكأنها تعرف أن للاستمرار ضريبة يجب أن تُدفع، وأن هؤلاء الساقطين من مضمار اللعب _بطريقة أو بأخرى_ هم الضريبة."
_
وأخيرًا الفصل الأول من الجريىمة رواية أنصعت لرغبتها في محاولةٍ لمجاراة أحداثها، حتى وجدتني ممسكة بالقلم لأدون ملاحظات، وللوهلة الأولى كدّت أشعر بأن قد أصابتني الأحداث بالبله، ولكنه شغف القراءة والحميَّة التي دامت على عهدها معي من الصفحات الأولى وحتى وضع كلمة النهاية، فلا تأبي صفحة من صفحات العمل عن الخروج بشيءٍ لا يقل أهمية عن سبقيتها.
سأحاول ألا أحظر الأرقام الغريبة مجددًا، لربما تصيبني عدوى ذكائك.