اقتباسات من رواية أسوار الوهم

أنا أسمعك ‏

‫‏أنا أراك… أسمع شكواك… أشعر بألمك… أعلم بمقدار وجعك… أقدر فقدك…‏

‫‏أشعر بتباعد خطواتك… أشعر بزلزلة أرضك وأشعر بكل هذا التيه الذي يعتريك‏

كن علي مقربة من أي شخص يجعلك سعيداً لتشعر أنك مازلت حياً.

الكتاب الذي يلامس روحك يتحول مع الوقت لصديق مقرب نلجأ إليه عند الاختناق.

وأنا مقتنع بأن الكرامة كالكساء ..

‫لا تلبس ممزقة أو مرقعة أو موصومة..

السجن ليس سياجًا وأسوارًا

‫فقد يكون فكرة

‫فقد يكون لحظة زمنية

‫وقد يكون شخصًا

‫‏    شمس التبريزي‏

لحظات اكتشاف الخيانة لحظات حساسة وقاسية…‏

‫‏ولكن هذه هي لحظة النور التي يخرج بها من البقعة المظلمة…‏

وإن أجل وأدق ما أصف به اختلافي عن غيري أنني أتعلق بالذكريات، يخدشني  بسهولة‏

‫‏السيئ منها..‏

‫‏ما أخشى في دنيتي إلا وخز الوداع إنه يؤلمني.‏

‫‏إن كل التفاصيل الصغيرة والبسيطة تصنع بصمتها علّي بسهولة..‏

‏فالكلمة الحانية تُزهرني  ‏ والكلمة العابثة تُغرقني، الأفكار الكثيرة تُطيح بعقلي والحزن يجتاحُ شغاف قلبي..‏

تُمسك الدفتر وتحاول قبض أناملها بيديها على القلم، إن حزنها أكبر من أن تستوعبه أوراق وأثقل من أن تحمله حروف لغة وكيف يستطيع الإنسان بكل ما أوتي من لغة أن يصف تكسير أجنحته..‏

‫‏وهدم جدرانه..‏

و ضياع مينائه..

‫‏وكأنها تستجدي مهاجرًا قد فارق أرضه وكأن دموعها قد فارقت جفونها…‏

‫‏فينطبق عليها قول غسان كنفاني عندما قال "ولأول مرة عرفت كم هي قاسية ومؤلمة اللحظة التي يريد أن يبكي فيها الإنسان ورغم ذلك فهو لا يستطيع!!"‏

إن الفقد يأتي على غفلة منا، شعور موجع مميت مؤلم وقاس على أرواحنا جدًا…

فلعل الليل يخبرنا ماذا نحن فاعلون إذا كانت أوجاعنا أثقل من أن تحملها لغة وتصفها أحرف وتعبر عنها  بعض العبارات ويحويها قلب ويتقبلها عقل؟‏

وكأن للذكريات قلبًا لا ينبض إلا ليلًا وفكرًا لا يضطرب إلا على أضواء القمر الخافته…‏

وهممت أن أشكو الهموم لصاحبي

‫فذكرت أنك من وريدي أقرب…

‫عبد أنا والحزن يعصر خافقي

‫ضمد جراحي إنني لك أهرب…

إن الحزن كخيل أصيل فُك وثاقه للتو بعد ربطه بلجام قد أحكمت أواصره عليه لسنوات…‏ ‫‏يظل يأخذ من أرواحنا وقلوبنا حتى تبات ندوب الروح ظاهرة للناظر إلينا…‏ ‫‏في قلوبنا في ملامحنا لا ندري على أي مرسى قد يرسي بنا؟ ولا متى نجد لأرواحنا منه ميناء سلام

من يفقد بالموت فإن العقل يدرك مداه ويتقبله، ولكن كيف لمن يفقد بغير الموت كيف يتقبله العقل ويستوعب كل تلك الأفكار، فرفيف معنا ولكنها في عالم آخر…‏

أنا أسمعك ‏

‫‏جملة بها من الطمأنينة ما يكفي لإغراق المضطرب بالهدوء والخائف بالأمان والحائر بالسكينة والتائه بالاهتداء والسبيل.‏

‫تذكر من داوى جروح قلبك ‫لا من جرح. ‫تذكر من رتق قطوع روحك ‫لا من خرق. ‫تذكر من أقام هواشم نفسك ‫لا من هدم. ‫تذكر من بالحب داوى ورتق وأقام ‫فجاز ها هنا الربا بل كان لِزامًا ‫فمن أعطاك حبًا فرده حُبان

ومن يتقن احتواء الروح يبقى بالنفس ‏

‫‏والروح حاضرًا في عز الغياب‏

‫‏يعانق الإحساس حتى بلا اقتراب ‏

فالكتاب الذي يلامس روحنا يتحول مع الوقت لصديق مقرب نلجأ عند الاختناق إليه ..‏

ما أروع أولئك الذين مازالوا يحرصون على مُصاحبة  الكتب، أولئك الذين يُطيلون  الوقوف أمام الكتب لاختيار أصدقائهم بعناية فائقة..‏