اقتباسات من رواية بيت القبرصي

لم آتِ إلى هنا منذ وفاته هربًا من الذكريات، ولكني كنت مخطئًا، أحيانًا تصبح الذكريات ونيسًا جيدًا في العزلة، تعيد إلينا الحالة التي كنا فيها في ذلك الوقت.

بس أهرب ازاي من حاجه في عقلي ؟ العقل مابيتهربش منه ، انت بتحاول تضحك عليه بس طول اليوم لغاية ما يستفرد بيك بالليل قبل ما تنام .

فيه القبرصي.. صاحب البيت الحقيقي، اللي مش عايزنا نبيع البيت وعايزنا نسيبه كدا عشان ما يتبهدلش ويحافظ عليه، إحنا كنا لعبة، جينا هنا عشان نرجع البيت زي ما كان ونصلحه بس، ومش مسموح لينا نعمل أكتر من كدا، وإحنا مش أول حد يحصله كدا و لا هنكون آخر حد.

حقيقة أو أضغاث أحلام كما يحدث لي دائمًا، أم أنها لص اعتاد على سرقة المنزل السنوات الماضية أو العيش به خلسة دون أن يدري أحد؟ ولكني رأيتها في رؤيا القبرصي، هي بكل تفاصيلها، أتذكرها وأتذكر فستانها الأبيض الذي جعلها تشبه الأشباح..تشبه؟!

هتبيع العربية وتسحب الفلوس! عشان إيه كل دا؟!

‫ - بيت كدا لقطة وقع قدامي، هنشتغل عليه وهبيعه، وبإذن الله فيه مكسب كويس جدًّا، وهرجع كل دا تاني وأكبر.

‫ - أنت كمان! هو مش كفاية أبوك؟!

بيانو قديم مغطى يعلوه برواز ضخم للوحة لرجلٍ ببدلته السوداء وشارب مبروم على شفتيه، يقف في شموخ متكئًا على عصاته وينظر إليَّ في تحدٍّ، لم أحتج إلى خلايا عقلي حتى أتوقع أنها صورة القبرصي صاحب المنزل ‫ - دي صورة صاحب البيت.

وجدت نفسي أزاحم قارون في كنوزه وأقف ندًّا لمنسأة موسى، وألقي بذهبه إلى المحيط وأزعج معتز جاري صاحب سلسلة محلات البقالة الذي اعتاد على التفاخر أمامي بأمواله التي جعلته يطلب مني مشاركتي، أحلام ثراء تظهر أمامي مصوَّرة كفيلم يعرض على زجاج سيارتي الأمامي.

- هتتعلق، إحنا بنتعلق من غير ما ندري، الفراق دا رغم قسوته عامل زي العيال الصغيرة بعد يوم طويل من اللعب وهو مبسوط، لازم قبل ما يطلع بيته يتخبط، يتجرح، المهم حاجة تسبب ندبة تفضل معلمة، الفراق دا الندبة، علامة كل ما يشوفها يفتكر اليوم دا والفترة دي ويرجع تاني يحس بنفس الإحساس والفرحة اللي كان حاسسها يومها.

البشر لا يكتفون من التسبُّب في المتاعب،

‫ حتى بعد موتهم،

‫ يصبحون أشباحًا.

aurora chanson hier encore

بعض الذكريات هي أشد الأشباح رعبًا.

بعض الذكريات هي أشد الأشباح رعبًا.

أنا شوفت في البيت دا أكتر حاجة ممكن تسبب رعب وخوف لراجل، وهو ماضيه اللي ماحدش يعرفه غيره.

ظتنت

انتفضت مستيقظًا مع أذان الفجر، تمنيت لو أنها تكون رسالة من الخالق بنجاتي، وليست مجرد أضغاث أحلام ‫ صباح باهت وكأن الشمس تأبى الابتسام، لم أحتسِ قهوتي، لم أسقِ الزهور، ولم أراقب المارة، فقط ذهبت إلى مكتبي قابلني عصام بكسرة ...

ندبة تفضل معلمة، الفراق دا الندبة، علامة كل ما يشوفها يفتكر اليوم دا والفترة دي ويرجع تاني يحس بنفس الإحساس والفرحة اللي كان حاسسها يومها ‫ - هو أنت ما شوفتش حاجة زي اللي إحنا بنشوفها؟! يعني مش بيظهر لك !!!!!

عن أشباح الصغر التي كنت أخافها، واليوم أنا أسكن وبدأت في التأقلم مع شبح وزوجته، ولا أدرى إن كان لهما أطفال حكيت وحكيت، هنا بدأت في السعال بسبب تحجر حنجرتي من كثرة الحديث ‫ - أنت ما عندكش أصحاب؟ ‫

فيه بيوت تقيلة، يعني لا حد بيسكنها وقت طويل، ولا بترتاح لما بتدخلها، زي البيت دا، بس البيت دا غريب، عمره ما طلع عليه كلام كتير، طول عمره كان جديد وعمره ما اتبهدل ولا اتهجر عشان يخلي الناس تتكلم عنه..

ابتسمت للمرة الأولى منذ مدةٍ طويلة، لا شك أنه كان قرارًا صائبًا أن آتي إلى هنا، مجرد أوهام قادرة على إسعادي، ولكن الجوع لم يكن وهمًا، أنا جائع فعلًا! ‫ استقبلت الليل في منزلي المتواضع، القمر مكتمل الليلة حتى أنه أضاء البحر بأكمله.

طيبة؟! هو أنا جايب بيبي سيتر؟ اطلع برَّا. ولا أقول لك! استنى، خدني معاك ‫ خلال أيام من العمل، أثبتت فيها فرح جدواها وأملًا قليلًا في فائدتها، لم أعتَد أبدًا على الثناء على أي موظف، ولكنها بالفعل تستحق الثناء، عبقرية،