الكتاب الثامن والعشرون من العام 2025
الاصنام: قابيل الذي رق قلبه لأخيه هابيل
أمين الزاوي
تطبيق ابجد
"" كنت أخرج من بيتنا حافيًا، أحب المشي حافيًا حتى وقد بلغت الخامسة عشرة من عمري على الرغم من غضب أمي على تصرفي الأحمق هذا، حين أمشي حافيًا أشعر بأنني جزء من الأرض، جزء من التراب الذي أسير عليه، هو امتداد لقدمي، أحب الزنقة أكثر حين ألتصق بها من خلال قدمين حافيتين، أشعر وكأنني نابت فيها كشجرة ثابتة الجذور، أتمنى لو أن لي جذورًا تدخل في أعماق الأرض كلما جريت حتى باب فرن مولاي سليمان الطراح، حيث رائحة الخبز الصاعدة في السماء ترفع من درجة شهيتي لخبزة ساخنة مع قطعة زبدة ذائبة فوقها""
""ها نحن اليوم ننعم بالاستقلال كما توقع أبوك، تمامًا كما تصوَّر، وها نحن أيضًا نعيش لوحدنا كما توقع أبوك تمامًا، ولكننا لسنا بسعداء، لم نكن سعداء حين كانوا هنا ولسنا سعداء وقد غادروا المدينة والبلاد، أغلقت الكنائس وجوامع اليهود أبوابها وفرغت من مؤمنيها، ورُفعت منارات المساجد الكبيرة الضخمة الجميلة في كل حَـيّ وفي كل درب وفي كل ركن، ولكننا لسنا سعداء،
في العصر الحالي وفي السابق وفي كل منطقة تكون البلد، الناس، العائلة مثل الوتد على قلب رجل واحد ومن الصعب كسرهم يجابهون كل شيء بربطة رجل واحد، لكن برحيل المسبب او المحتل والحصول على الحرية المفقودة يبدأ السقوط في هاوية الانقلابات وتخبط التوجهات السياسية، والدخول في تقلبات اجتماعية. ومن هذه البيئة ينمو تيار التطرف تحت عباءة الدين.
في الرواية يقول الأب لابنه "بعد الاستقلال سنعيش وحدنا" فيسأل الإبن "هل الاستقلال معناه أن نعيش وحدنا يا أبي؟" فيهرب الأب من الإجابة، ولكن تأتي الإجابة الحقيقية بعدها على لسان الإبن بعد سنوات " ها نحن اليوم ننعم بالاستقلال كما توقع أبوك، تمامًا كما تصوَّر، وها نحن أيضًا نعيش لوحدنا كما توقع أبوك تمامًا، ولكننا لسنا بسعداء، لم نكن سعداء حين كانوا هنا ولسنا سعداء وقد غادروا المدينة والبلاد، أغلقت الكنائس وجوامع اليهود أبوابها وفي كل ركن، ولكننا لسنا سعداء، وتحوَّلت كثير، بل جُلُّ الكنائس وجوامع اليهود، إلى مساجد لنا، لنا وحدنا نحن المسلمين ومع ذلك لسنا سعداء، فأين يكمن الخلل أو الخطأ، فينا أم في غيرنا أم في طريقة تعاملنا مع الآخرين ومع المكان؟
الكاتب يقول ان الناس في وطنه الجزائر ليسوا سعداء لأنهم فقدوا أشياء كثيرة حسنا سنعكس هذا على الدول العربية او على غزة ونحن نعيش نكبة العصر حيث الموت أصبح هو المشهد هل كتب علينا هذا ام من كتبناه، الجزائر فقدت مليون شهيد لكن كم تعداد الجزائر كم تعداد العراق مقارنة ببقعة صغيرة مثل غزة، هل تقاسم وتشابه مصائر الشعوب على هذا الوجه يحسب دليلا لهم أم عليهم؟ هل هي من محض الصدفة أم ان هذه هي طبيعة الديموغرافية العربية؟ أم هي دليل على الأجندات الخارجية وما يقال لنا أنها نظريات مؤامرة من محض الخيال؟
الشعب الجزائري واي شعب ادرى بظروف بلده يستطيع ان ينتقد الكاتب او يفرح به لكن لو عكسنا ما كتب على بعض البلاد لوجدنا ان الكاتب يحاول ان يتحدث عن الحروب وما يحصل بعدها من جهاد الشعوب ضد الاحتلال ونيل الاستقلال الي احلام وآمال الاشتراكية التي سرعان ما تخبو وتحبط جيل كاملا حلم بالمساواة والعدل ومن ثم تشكل قوي جديدة اسلاميه متطرفة دفعت الشباب الي الجهاد في أفغانستان وغيرها، وجاهدت لصياغة رؤية إسلامية متطرفة صبغت طبقات المجتمع بشكل أو بآخر من الثمانينات ولأكثر من عقدين من الزمان تقريبا.
الرواية تتحدث عن صعود التطرف وكيف يمكن ان نضحك على الشعوب باسم الدين بالرغم من ان الكاتب لم ينقل الصورة الصحيحة للتطرف
.
. تتناول الرواية فلسفة الأخوة والتضحية، وتستلهم أحداثها من قصة قابيل وهابيل في القرآن. حيث تم بتقديم قابيل في صورة أكثر إنسانية، مع التركيز على مشاعر الندم والتوبة التي قد يشعر بها. كما أنها تتناول تأثير مقتل الأخ على أسرته، وتشبهه بتأثير زلزال مدمر على مدينة الأصنام (الشلف) في الجزائر حيث تحدث الكاتب
عن زلزال مدينة الأصنام المعروفة الآن بـ«الشلف» في عام 1980 كرمز يُظهر التغييرات في الجزائر خلال فترات زمنية معينة.
وتدور الرواية - المرشحة ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية 2024 - حول مبدأ الأخوة وتروي قصة أخوين، حيث يُغتال الأخ الأكبر في فترة العنف والإرهاب والعشرية السوداء في الجزائر، ما يدفع الأخ الأصغر للدفاع عنه بشكل يُظهر أهمية الدفاع عن أخيه، الذي كان بمثابة دفاع عن الوطن.وهي عكس قصة قابيل وهابيل، ففي روايتي لا يقتل الأخ أخاه بل يحب «حميميد» الأخ الأصغر أخاه الأكبر «مهدي»، ويبحث عمّن قتله، فالرواية تفكك القصة القديمة بمفهوم مختلف.
ويظهر التشبيه في الرواية بين تأثير الزلزال على مدينة الأصنام «الشلف» وبين تأثير وفاة شخصية مهدي على أسرته، فالزلزال وقع في لحظات تسببت في ألم وخوف وشتات لسكان المدينة، وكذلك وفاة الأخ التي وقعت كنكبة على أفراد أسرته، وتسببت في كثير من الألم والهلع والضياع، ووصف الكاتب عمق ذلك التأثير في نفوسهم.
واهتم الزاوي، خلال أحداث الرواية، بإظهار تراث الثقافة الشعبية في الجزائر، فتتعرض الرواية لتقاليد وممارسات تراثية، ومن المأكولات جاء البروكسي الحار والكسكسي والخبز التقليدي والحلويات المحلية وزيت الزيتون المعصور يدويًا. كما لفت المؤلف نظر القراء بطريقة غير المباشرة إلى جوانب تراثية وفلكلورية أخرى كمهنة صناعة الفخار وفن الراي البدوي، وإظهار بعض المصطلحات اليومية، وكذلك الأساطير الشعبية.
رواية الموت حبا لا غيرة ولا تنافسا.
تنطلق الرواية من مدينة الأصنام، إلى العاصمة، إلى دمشق، إلى الخرطوم، إلى كابل، فطهران فاسطنبول، فتونس، فعنابة...وفي كل مراحل هذه الرحلة يريد حميميد وعبر تجارب قاسية يعيشها أن يبرهن لأخيه مهدي على حبه الغامر ووفائه المطلق...