اقتباسات من رواية قناع بلون السماء

ليس ثمَّة معنى لاسم المخيَّم الفلسطينيّ إلَّا عندما تُرتكب فيه المجزرة، ليصبح اسمًا من أسماء المآسي في تاريخ الإنسانيَّة، يصبح اسمه مخيَّم تلّ الزعتر أو صبرا أو شاتيلا أو جنين أو الشاطئ وأمَّا مخيَّمه هو فلم تُرتكب فيه بعدُ أيّ مجزرة تُذكر

كان يعتقد أنَّه وُلد من الزقاق، من رحمٍ خفيَّةٍ فيه لا يُدركها سوى المنكوب منذ الصرخة الأولى، رحم يُولد منها ليتقن اليُتم على أصوله، هو المفجوع والمكلوم والكاتم والمكتوم والتائه والمغترب الذي وُلد جاهزًا مُجهَّزًا بكلِّ عتاد البؤس المتاح وغير المتاح في هذه الأزقة ، فما الحاجة إلى الأسماء إذن ؟

أنا أعتقد أنَّ القُبل تعني من الطقوس الغنوصيَّة المعرفة السرَّانيَّة التي تُمنح همسًا. القُبل هي التعاليم.. القبلة هي الوصيَّة.

القبلة هي الوصيَّة.

إنَّها قريةٌ بأكملها مدفونةٌ أسفل أقدامكم.. يا إلهي، كم أنتم بارعون بإزالة آثار الجريمة يا رجل؟! باللون الأخضر.. بالأشجار.. أينما وُجدت الأشجار في بلادي فتلك نكبتي.

النكبة لم تنتهِ بعد.. رحمها ما زال خصبًا وقادرًا على الإنجاب في كلِّ لحظة. إنجاب القتل والتشريد والتطهير العرقيّ والإبعاد والتهجير والمصادرة والتدمير والإقصاء والتهميش والتصنيف والالتباس والسلام المزيَّف..

أنَّها ذات الخريطة التي أرسلتها أنت لي من سجنك وقد نحتَّها من حجرٍ من حجارة لعبة الدومينو المسلِّية.. كدتُ أنتزعها من عنقها صارخًا هذه لي. هذه البلاد لي.. كيف ترتدين ما ليس لكِ؟

خذله أصدقاؤه ورفاق دربه في النضال والانتفاضة الذين انشغلوا بأبَّهتهم الجديدة التي تراقصت فوق مائدة السلام المختلّ وسلطة الوهم والحيرة، لقد خُذل أكثر عندما انكسر قلبه الثائر حين اشترط عليه أعداؤه وسجَّانوه التوقيع على تعهُّد ينبذ فيه العنف متعهِّدًا بعدم العودة إلى ممارسته واحترام بنود اتِّفاقيَّة أوسلو الموقَّعة ما بين منظَّمة التحرير الفلسطينيَّة ودولة الكيان الصهيونيّ.

ليس ثمَّة معنى لاسم المخيَّم الفلسطينيّ إلَّا عندما تُرتكب فيه المجزرة، ليصبح اسمًا من أسماء المآسي في تاريخ الإنسانيَّة، يصبح اسمه مخيَّم تلّ الزعتر أو صبرا أو شاتيلا أو جنين أو الشاطيء

مصرًّا على البقاء، مسرحًا لذاكرة تُعربد عليه الآن. في الوقت الذي هو وحده من يُقرِّر فيه إذا ما كانت طريق العودة ستأخذ من زمانه العبثيّ هذا، عشر دقائق أو أكثر.

أشعلته قدرة الخيال الجبَّارة على الإطاحة بالتاريخ عن متن الحقيقة والمعقول

مراد الذي استغلَّ أيضًا درب آلامه الاعتقاليَّة، ليُحيلها إلى درب معرفةٍ وثقافةٍ تؤدِّي به إلى الحرِّيَّة، حرِّيَّته الداخليَّة على الأقلّ.

فما التاريخ في النهاية سوى تخيّلٍ مُعقْلَن

هناك أعيادٌ يا صديقي نحتفل بها أو ندَّعي ذلك، وهناك أعيادٌ يُحتفل بها علينا، على وقتنا،

ليس ثمَّة معنى لاسم المخيَّم الفلسطينيّ إلَّا عندما تُرتكب فيه المجزرة، ليصبح اسمًا من أسماء المآسي في تاريخ الإنسانيَّة،

كان يعتقد أنَّه وُلد من الزقاق، من رحمٍ خفيَّةٍ فيه لا يُدركها سوى المنكوب منذ الصرخة الأولى، رحم يُولد منها ليتقن اليُتم على أصوله، هو المفجوع والمكلوم والكاتم والمكتوم والتائه والمغترب الذي وُلد جاهزًا مُجهَّزًا بكلِّ عتاد البؤس المتاح وغير في هذه الأزقَّة، فما الحاجة إلى الأسماء إِذن؟

حينذاك جُنَّ جنون سميَّة على وحيدها، ولطمت وجهها بنعليْها: هل جُننت يا مهدي؟ أتفرِّط بتاريخك النضاليّ ومعاناتك من السجن وفخر أبيك عليه الرحمة بكلِّ بسطة قهوة وشاي يا ولدي؟

‫ - قهوة وشاي يا أمِّي.. قهوة وشاي وسحلب حليب.

أنا ولدتُ منك.. من رحم صهيونيَّتك ومن النكبة التي ألحقتها أنت بي. وبالتالي أنا جزءٌ منك وأنت جزءٌ منِّي.

في القدس يا مراد، أنا أتجرَّع أكاذيب وأساطير ملعوبًا بأسفل سافلها.. أتجرَّعها ثم ألفظها بمناعتي وحصانتي وعزمي على مواجهة الاغتصاب التاريخيّ الذي نتعرَّض له منذ نكبتنا على الأقلِّ…».

النكبة لم تنتهِ بعد.. رحمها ما زال خصبًا وقادرًا على الإنجاب في كلِّ لحظة. إنجاب القتل والتشريد والتطهير العرقيّ والإبعاد والتهجير والمصادرة والتدمير والإقصاء والتهميش والتصنيف والالتباس والسلام المزيَّف.. بلى. أنت قلت ذلك.