اقتباسات من رواية قيام وإنهيار الصاد شين

اللي حجبهم السلفيون،أقصد أول جيل في سلسال الحجاب الممتد حتى اليوم، طبعا النقاب هجم من التسعينات، وبقيت تروح تلاقي عزبنا غابة سوداء من المنتقبات؛ التسعينات! نعم التسعينات، النور والضلمة، البُشرى والنذير، الحصاد المر اللي زرعه السادات وفجره؛ الحقيقة مش السادات

وصديري وقفطان وبقوا أفندية بروس عريانة، وهذا صاحبه انفلات عجيب في ملابس النساء في نجوعنا، تحرُّر وأناقة ورغبة في الفرح والافتتان، وظهر الفستان المحزق المقور اللي لحد الركبة.

أول ناس في صنفنا، في قبيلتنا الرِّمَاح خصوصًا يعرُّوا روسهم ويلبسوا الجلابية الفلاحي، والأدق الفلاحي الأفندياتي اللي بلياقة وجيب محرود ع الصدر في البيت والغيط، والبدلة الكاملة في الصور، ودي نقلة مش عارف مرّت إزاي وسادت هكذا، فجأة خلعوا الجلابية

عزبتهم الأم، أم النجوع والله، مصر أم الصابرين وهي أم النجوع، أو خليها كبيرتهم وآويتهم وحاميتهم، لأن الحوش موطنهم الأصلي، وتبعها التسع نجوع اللي بقت عزب كبيرة معدودة ع الخريطة بمدارسها ومستشفياتها وجمعيتها الزراعية، وطبعًا كل واحد متقدم رسمي للعمودية

جيل الستينات الحبيب، سمّيته جيل الفقر القاطع، وجيل الفشل الذريع لو عايز تمعن في الشتيمة؛ وبينهم جيل السبعينات، ودول جيل الفنانين، كل واحد كان ضارب بوز بأي شكل من الأشكال، واللي بيشعِر، واللي بيرسم، واللي بيروي، واللي بيعلّق صور رقاصات

كلمة الصيد بالبدوي الغربي لا تعني الصيد أو المتصاد، ولكن الواد الفهد السريع المرن اللي يخطف الطير ويفلت من أي حاجة وأي حد، والصيد هو التعلب اللي بيخطف الفراخ من البيوت.

لم يكتمل، وهذا عادي في ليبيا، أي حاجة عادي في الجماهيرية العظمى، أنا شخصيًّا كان لي صديق ليبي حاصل على ثانوية عامة أدبي ودخل طِب، ولما فشل في الطِّب دخل هندسة، وييجي عشر عمارات سكنية تفتح على ساحة متسعة

أربعين عائدًا من مصر كلهم في الجيش الليبي، سواء متقاعدين أو هاربين أو مازالوا مجندين، وحي الطيوري يشبههم إلى حد ما، فقير جدًّا ونصف عشوائي ونصف حكومي، مشروع سكني حكومي لم يكتمل، وهذا عادي في ليبيا، أي حاجة عادي في

أرى خوازيقي إلا بعد أن تدك فيا تمامًا، أحيانًا أعزي نفسي بالروائي، الذي لا بد أن يكون حطَّابًا وطالع نخل وقصاص أثر كما قال صديقي الشاعر الدناصوري، ولابد أن يتجرع الموضوع كاملاً، ولكني أنا نفسي بطيء الفهم، أعترف لنفسي أولاً

‫ وحسب فلسفة المقعد الأخير اجتزت ليبيا كلها واستقريت في سبها، وسبت سبها كلها وقعدت وسط أخطر مجرميها، أبو الهلب، المحكوم عليه بالإعدام في مصر؛ جرجارش، الهارب من عملية أوغندا؛ خويطر، خاطف زوجة الطبيب اليوغسلافي؛ وأبو عبد الله، وما أدارك

المستقرة حواليه في سرت، وأغلبهم «بزابيز عرب جيين من مصر وتونس وتشاد والنيجر ودايرين ارواحهم ليبيين»، وهم صميم الشعب اللي صنعه الزعيم بنفسه ولنفسه وآل إلى نفسه.

هو الخوف»، «ابن المدينة لما ينزل الأحراش والمستنقعات لازم يخاف ويترعب م الهمج»، وأنظر في عيونهم مليًّا على اعتبار أني أفحمتهم، ولكنها للأسف ظاهرة، وليست في سبها فقط، في كل البلاد العربية للأسف، سبها فقط قاع البكابورت

لكن طمعان في المصري؛ في المشاحنات الوطنية مع عويدات والمغاربة، كنت أقول لهم بمنتهى الحدة والغيظ «دا التحضر، الخوف دليل التحضر، الفرق بين الإنسان المتحضر القديم جدًّا والبدو البدائيين والهمج الطارئين جدًّا هو الخوف»، «ابن المدينة لما ينزل الأحراش والمستنقعات

الزعيم، أقصد المتنفذين منهم، في سبها أغلبهم ضباط شرطة وجيش، والكثير من شبابهم مجرمون، ليسوا مجرمين بالظبط بلطجية ولا بلطجية، فتوات يسرقون ويثبِّتون الناس، خصوصًا الأفارقة والمصريين، أمام عين الشرطة اللي غالبيتها أفارقة يطيعونهم ويخافون منهم، «إش بيك يا ممصخ

منطقة معينة، وأنا كان من نزهاتي النادرة في سبها مصاحبة صديقي محمد الطارقي وهو بيحش في العصاري لأغنامه من حديقة المديرية العامة للثقافة والفنون في سبها

مراعٍ حكومية مسوّرة، وتقاسموها بالأغنام والإبل، وعندما ضجت السلطات من مواشيهم تقاسموا الحدائق في الحشّ، كل واحد يحشّ من منطقة معينة، وأنا كان من نزهاتي النادرة في سبها مصاحبة صديقي محمد الطارقي وهو بيحش في العصاري لأغنامه من حديقة المديرية

رواية تقول إن الزعيم أصلاً يهودي، وأمه يهودية من تل أبيب، وهناك رواية تذهب إلى أن الزعيم أصلاً فرنسي، أبوه طيار سقط من سماوات الحرب العالمية الثانية على خيمة شي عربْ ليبيين هاملين في الصحراء، وتزوج ابنتهم، وأنجبت له الزعيم،

‫ ولكن أحيانًا أحس أن الفشل، في المطلق يعني، وبغض النظر عن مأساتي الشخصية، يرجع أساسًا إلى خيارات الميح، خيارات الفشل، «ختم الفقر» كما قال مستجاب أستاذي الأول، واللي خلاه هوّ شخصيا ينغمس «في الطبيخ لُحمر»، عارف الطبيخ لُحمر يعني أيه؟ يعني البطاطس بالطماطم، اللي كانت حد أمل الغالبية العظمى من الشعب العظيم، ختم الفقر اللي يخلي الواحد يضبّش في الوحل، نعم والله الوحل «وما حياة الواحد إلا تضبيش في الوحل».