امرأة الضابط الفرنسي > مراجعات رواية امرأة الضابط الفرنسي
مراجعات رواية امرأة الضابط الفرنسي
ماذا كان رأي القرّاء برواية امرأة الضابط الفرنسي؟ اقرأ مراجعات الرواية أو أضف مراجعتك الخاصة.
امرأة الضابط الفرنسي
مراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
jaber atiq
لن أتحدث عن الأسلوب السردي في هذه الرواية ولن أتحدث عن الحبكة الروائية ولن أتحدث عن القصة التي تحتويها، فهذه الرواية نوع مختلف من الروايات التي قرأتها، نوع يقع بين التخمين والتوقع والمفاجأة والكاتب السيد جون فاولز، عرف كيف يضع القارئ في تصور مشهد ثم يقلب الطاولة رأساً على عقب فيعيد المشهد بشكل آخر تماماً.
توجد قصة في الرواية ويوجد زمن وتوجد شخصيات، والشخصيات هي العنصر الأهم في في الروايات لكن في هذه الرواية لهم أهمية خاصة حيث تشعر بتأثير الشخصيات على الكاتب بشكل قوي وحضور مؤثر في تصورات الكاتب لروايته التي يطرحها، فالشخصيات تلعب دوراً مختلفاً عن دورها في الروايات النمطية، فالكاتب كما يقول ويقول غيره من الكتاب أن الشخصيات يخلقها الكاتب لكنها حين توجد تظل في رأسه ويصبح تأثيرها فيه أقوى مما نتصور، لكن الكاتب لم يجعل ذلك التأثير خفياً بل صرح به في مشاهد كثيرة في الرواية وخصص الفصل(13) يتحدث فيه بالكامل عن هذه النقطة بالتحديد ورغم أنه أخرجني من صلب حكايته إلا أنه رسم لي صورة التأثير القوي للشخصيات فيها وأنه سيجعلها ترسم أدوارها دون تدخله، وإن تدخل ستمسح ما كتب لتكتب هي النهاية التي تراها مناسبة.
وهذا بالفعل الذي حدث فكثيراً ما يقف الكاتب ويقول إن هذا الحدث تصورته هكذا لكن الذي حدث مختلف تماماً وكأنه يرى مشاهد أمامه لشخصيات تتحرك وتخلق واقعها بمنأى عنه، ينهي الرواية في الفصل (44) بشكل كلاسيكي إلى أنه يتهكم علينا ليضع أحداثاً أخرى وتصورات أخرى ثم يعود ويضع المشهد الأخير في الفصل (60) لكنه يضع التصور الأكثر إيلاماً في الفصل الذي تلاه ليرسم المشهد الأخير بشكل مختلف.
لعب الروائي لعبة التصورات والتخمينات، فما فعله كان يجبرني على أن أخمن ما سيحدث، ويجعلني أيضاً لا أصدق ما يقوله حتى يقول لي أن هذا ما حدث، فتدخله بشخصه وسط السرد جعلني أنظر إليه كشخصية موجودة في الرواية لكنها غير مرئية.
تحاكي الرواية نهايات العصر الفيكتوري وتوضح الاختلاف المجتمعي المتباين بين الريف والمدينة وقدرة الريف على الحفاظ على النمط وتكريسه بشكل يجعله إلاه لا يجرؤ أحد على الاقتراب منه، وما يحدث في المدينة ومن محاولات تغيير متكررة، كما تصف الشخصيات الفيكتورية وصفاً دقيقاً وقوياً بحيث أن الكاتب يضع حدثاً ثم يقول لك إن نمط التفكير الفيكتوري لا يسير في هذا الاتجاه وهذا يدل على أن الكاتب حضر جيداً للرواية ودرس العصر والمجتمع بشكل جيد.
ربما يكون هذا التصرف من السيد جون، ناتجاً عن تركيبات وأحداث كثيرة، فحين يعشق الكاتب روايته ويتعمق فيها تصبح هناك تقاطعات في أفكاره فيكون لديه أكثر من تصور لكل فعل فيقارن بين التصور وواقع الرواية وهنا تكون مهارة الروائي بحيث يختار المشهد الذي يواكب نمط الشخصيات وظروف الزمن، ورغم أن الكاتب لجأ في أكثر من موضع لحدث ثم غيره بشكل مختلف فقد أقحمنا بشكل قوي لا في الرواية والشخصيات فقط بل في نوع تفكيره وتصوره لذا طرحت فكرة أنه موجود ضمن شخصيات الرواية لكنه شخصية مختفية تظهر حين تسير الأحداث بشكل مخالف لعصرها.
رواية ممتعة جداً بالنسبة لي لكنها ربما لا تستهوي البعض الذين يريدون أن يقرأوا رواية نمطية، تقع الرواية في 488 صفحة من القطع الكبير أنصح بقراءتها.
| السابق | 1 | التالي |

