اقتباسات من رواية جاسوس في الكعبة

وقفت أسوار المدينة العالية ترتعش في سكون خوفا من بقايا هياكل بشرية غُرست غرسا بأسياخ ممدودة كنخل مُثمر بلحا في منتصفها. بدا بعض اللحم مهترئا ومتعفنا فوق الأسياخ المثبتة، كصفوف من البشر الراكعين أمام قائد الأعداء المنتصر. تلك الجثث العارية خوزقت كعبرة لكل وهابي ضال يكفر بالله العظيم، ثم بالسلطان العثماني والباشا الكبير. تُبصر الجُثث مقطوفة الأعضاء الذكرية كأن الآمر بذلك أراد أن يُبلغ الجميع أنه لم يقتطف أرواحهم فقط، وإنما اقتطف رجولتهم أيضا.

يقرر أنه يكتب لأنه يتعبد بذلك. يعتبر أن في الكتابة عبادة للخالق، الذي أنعم عليه بنعمة الرغبة في الكتابة، فقرر أن يكتب من أجل أن يكتب. بحثا عن الحقيقة؟ ربما. سعيا إلى المتعة؟ وارد. كسرا للجهل؟ يجوز. طلبا للذكر؟ ممكن. نثرا للجمال؟ أكيد. إنه يكتب ليحيي، يتمدد، يسافر عبر الزمن، يتجاوز الحدود، يفضح القبح، يسبك اللغة، يُشبك الحروف، ويُحلق في فضاءات الكون. يكتب ليعبر إنسانيته، يتجاوز دنس الطين البشري، ينفتح على نقاء الأرواح ويتلاقي معك لقاء صديقين أنهكهما الترحال بحثا عن المعرفة.

«لن تدري وأنت تتنفس.. أنت تظن ظنًّا، تُرجح فقط، كل ما تعتقده مجرد احتمال، ومتى غادرت الحياة تعرف بيقينٍ ما الصواب وما الخطأ».

سيموت الجميع وسنرجع إلى الله، وهناك فقط تكمن السعادة الحقيقية أو الشقاء الحقيقي».

التحرُّر، التحرُّر من كل ما فوق الأرض، والانسحاق التامّ في عبودية وحيدة، هي العبودية لله وحده

«جاء الإسلام ليُخلص الناس من العبودية، ليس بمعناها المعتاد، وإنما العبودية لكل شيء

يا الله! كم هو عظيم أن يلتقي الناس مرة ثانية في الدار الآخرة، القاتل والقتيل معًا بلا ترجمان. كم هو عادل أن تُرد الحقوق إلى أصحابها!

الصمت ضرورة حياة، لا تُعلق، لا تغضب، لا تفتح فمك، استمتع بالتأمل في خلق الله، تلذذ بالتدبر فيما وراء الفعل، انتشِ بالفرجة على تقلبات الناس، ارصد سقطات النفوس، وأحصِ

الصمت سلاح لمقاومة العالم المتحجر المنفلت الجامح

وربما قناعةً بأن القبح سيبقى قبيحًا، وبأن الباطل لن يُغير منطقه، وربما تسليمًا لله بأن كل أقداره مقبولة في رحلتنا المؤقتة على الأرض

الصمت حياة، حكمة، استراحة المحارب

الصمت ضرورة تعبوية، فرصة لالتقاط الأنفاس، لحظة للمراجعة، هُنيهة لإعادة الحسابات

«الصمت خير، سحر، لذة،

تراه يهذر. بالطبع هو لا يعرف ما الضيق، وما التعب، وما السأم.. وبالطبع فهو أيضًا لا يعرف الخوف الحقيقي.

الشاعر العربي أبي العلاء:

‫ لا تظلموا الموتى وإن طال المدى

‫ إني أخاف عليكمو أن تلتقوا

وقد يجمع الله الشتيتين بعدما

‫ يظُنان كل الظن ألا تلاقيا

كل نبضة تنبض في قلب بشر مربوطة بفعلٍ، بِنِيَّةٍ، بفكرة، بخاطر وجود في الكون.

أبوك، معلمك، قدوتك، وناصحك المُحب

يخبرك بنظراته مرارًا وتكرارًا أن الغد المرتجَى ليس على هذه الأرض

فانجُ من أرضٍ ليس فيها موطئ قدمٍ لنبلٍ