اقتباسات من رواية منزل الرجل الأعمى

لا نعرف قيمة من نحب إلا بعد فقدانهم. العين غير مبرمجة على رؤية القريب جدًّا بوضوح، تراه مشوشًا؛ لذا بُعد الأحباب يمنحنا فرصة لنقيمهم جدًّا، لنراهم بشكل أوضح، الغربة مثلاً تجعلك تراهم بشكل أوضح، لكن الموت يجعلك تراهم بشكل أفضل.

الأنثى حين تتأنق هي لا تتأنق لرجل بالضرورة، هي تتأنق لترضي الأنثى بداخلها، الرجل حين يداعبها بكلمة حلوة. بهدية. هو يداعب هذه الأنثى؛ لذا تكون راضية عنه كل الرضا ‫ أرادات أن تتصور وهي ترتدي بدلة رقص، كانت تعجبها البدلات التي ارتدتها نعيمة عاكف في فيلم تمر حنة.

وفاة الولد مع وفاة جدي جعلت بيت جدي لوحة سريالية سوداء ‫ لو علموا القادم لحمدوا الله على ما فعل لكنهم لم يحمدوه فاستمر قابض الأرواح في المكوث لديهم، أعتقد أن ملك الموت في هذا الأسبوع لم يغادر بيت جدي، كان ملك الموت يتربص بهم، ولم يكونوا على دراية....

وهي بحضنه وهو بحضنها، قالت له:

‫ - أبوك مات يا أحمد.. روحه طلعت وانت بتخبَّط على الباب، كان روحه فيك مات لما سمع خبطتك، قالِّي سلميلي على أحمد ومات.

أخباركم وأخبار أم كلثوم والنادي الأهلي، السلام أمانة لأبو خالد يا أبطال ‫ استكمل القائد السوري الذي يُشبه رشدي أباظة ما قاله: ‫ - الأغنية بتاعة ألف ليلة وليلة دي بديعة، أم كلثوم دي يا أخي مش بتاعتكم لوحدكم، كل واحد ليه فيها حتة.

ع الوصول لسوريا قال لي أبي إنهم شموا هواءً مختلفًا، قال لي أبي في حكيه عن سوريا: ‫ «شوف سوريا دي غير بلاد العرب كلهم، أنا رُحت السعودية ورُحت الكويت وقعدت شوية في ليبيا وعديت على اليمن، بس سوريا دي غير أي حاجة

أبي لم يكره أي مختلف عنه، كان على الدوام يقول لي: ‫ - الناس كلها شبه بعض، علشان كدا بيخافوا لما يلاقوا واحد مختلف عنهم، أنا بحب المختلف علشان لو الناس كلها خافت من المختلفين وكرهتهم هيموتوا، ولو ماتوا مش هيبقى غير اللي شبه بعض، ويمكن ربنا مخلي فيه خير في الدنيا عشان المختلفين.

احتضنها بشدة كادت أضلعها أن تتكسر فيها، حاول أن يدخلها بداخله علَّه يحميها من خطرٍ محدق بها لا يعرف ما هو كنهه، لكنه يعرف أنه قادم ‫ الإحساس نعمة افتقدها الكثيرون ويفتقدها الكثيرون وسيفتقدها الكثيرون، لكن أبي وقتها لم يفتقدها .

كانت أم كلثوم تضع في فمها بونبوني، لم تُلقها عند الظهور على المسرح، انتهت المقطوعة الموسيقية ولم تبدأ أم كلثوم في الغناء، حتى انتبه أحد الجالسين في المسرح أن عليها أن تبدأ: ‫ «ما تغني يا ست» ‫ صاح بها أحد الحاضرين، التفتت الأنظار إليه ، لكن سرعان ما أعادت أم كلثوم الأنظار إليها، فقالت:«مش لما تدوب» وبدأت في الغناء.

فكرة أن يحكي لي عن قصة حياته كانت فكرتي، فقد لاحظت في الآونة الاخيرة كآبته وشروده، إحساس أنه ينتظر ملك الموت إحساسٌ مُرعِبٌ، أبي لم يكن يخاف الموت دائمًا ما كان يتحدث عنه بكل خيرٍ، لكنه يكره المفاجآت، كان دائمًا يقول إن بيتنا لا يستر، ولا يحب أن يأتيه ضيف على غفلة.

امرأة صعيدية يعني أنها لو كانت ستموت شوقًا لك ستنتظر منك أن تبادر وتحتضنها، لن تفعل هي حتى لا تتهمها بأنها «قليلة الحياء» الحب يقلل الحياء، في الصعيد كل شيء ممنوع على النساء، لو ارتمت زوجة أبي في أحضانه وهي زوجته...

سألت عمي حين كبرت : «أنت نرجسي أكتر يا عمي ولا أبويا»، فقال لي: ‫ - أقسم بالله ما في حد في البلد كلها يفهم في النرجس دا أدِّي أنا، كنت بجيب النرجساية كبيرة وأبوك كانت نرجسايته صغيرة قوي» ‫

يعني إيه زمال؟

‫ فقال الرجل لعرابي الكلمة التي ستدخله السجن ست سنوات:

‫ - زمال يعني حمار يا عبد الناصر.

‫ عبد الناصر كان اسم أي مصري في أي منطقة في العالم، أي مصري هو عبد الأنثى

كان عرابي خارجًا لتوه من السجن بعد عفوٍ رئاسيٍّ وقعه الرئيس أحمد حسن البكر، خرج عرابي من السجن باكيا على العراق ولاعنًا إياها، خرج من السجن بعدما قضى ست سنوات في السجن، ست سنوات لم يرَ بها الشمس، السجون في العراق لا شمس لها.

قال ابن منظور: «كل ما ظللكَ وعلاك فهو سماء»؛ لذلك أمي سماء فهي تعلوني لأنها وُجِدَت قبلي وأظلَّتني، وأبي سموات لأنه أظلني وأظلَّ أمي وأظل العائلة جميعًا، في حين ظلَّ هو في الطَّلِّ بلا سماء تظلله.

لا شيءَ يذل الرجال سوى أبنائهم.

الكثير ممن انضموا إلى الجيش حبًا في الجيش وردًّا للهزيمة، ولكن هناك قِطاع كبير من المنضمين كان خائفًا من نكسة أخرى، الثقة بين الشعب والجيش وعبدالناصر تم كسرها؛ لذا تقبَّل منهم أي شيء ‫ في أول يوم خدمة لأبي في الجيش.

ماحدِّش بياخد مرات حد»، كلام مُرسَل وسمعه منصور ألف مرة، لكن ما أضافه أبي إلى كلامه كان الاهتمام، منصور لم يكن ينتظر حلولاً، منصور كان يريد أن يسمعه أحدٌ؛ فكان أبي. لذا أصبحا صديقين، لطالما حسدت منصور هذا على صداقته لأبي

استقر بهم القطار في الجيزة اجتمعوا في القطر غرباء وذهبوا إلى التجنيد أحباء يفدي أحدهم الآخر بروحه، وهي ميزة لن تجدها إلا في السجون والغربة والجيش، ميزة الصحبة.

الريس حفني يحكي عن آثارهم قصة «شفيقة ومتولي» التي حدثت في جرجا في زمن غابر، على صوته: ‫ وقابلتهم على السلامات ‫ وقالت يا زباين سلامات ‫ عاوزة تعمل للمسا لمات ‫ حاول عزت أن يهدئ السرعة ليشتري سجائر من إحدى ال