حرب نهاية العالم ..... وماذا بعد!!!
رواية كانت بالأساس مشروع فيلم، يتناول حرب كاندوس، طُلب من يوسا أن يتولى مشروع كتابة نصه السينمائي؛ ومن حسن حظنا كقراء أن يتوقف المشروع ولا يتوقف يوسا، لأنه على حد قوله كان مبهور مما قرأه عن هذه الحرب، فقرر تغيير الدفة لكتابة رواية لينتج هذه التحفه الفاخرة من الطراز الرفيع. لا أخفيكم أني كرهت أي شيء له علاقة من قريب أو بعيد بالسياسة لأسباب نفسية خزعبيلة تكاد أن تضع إيماني على المحك ولهذا توجست خوفاً مما أنا مقدمة عليه وكلي أمل بأن هذا الساحر المدعو يوسا قادر أن يفعل شيء ليحصل على انتباهي التام فأنا من المراهنين وبشدة على كتاباته.... وفعلا هذا ما كان.
يا الله على شخوص الرواية، يا الله ... . في أغلب الأحوال الكثرة والجودة نادراً ما تلتقيان، لكن صبرا يا جماعة..... الراوي فنّان يا الله على جمال قلمه؛ مهرجان من الشخصيات المتفرّدة، كل شخصية يمكن أن تكون مشروع رواية بذاتها. عانيت أكثر ما تتصورون في خضم هذا المهرجان من الأسماء اللاتينية الجميلة في وقعها على الأذن والعصية في تذكرها، فما بالكم أن يحاول تذكرها شخص احتمال كبير أن ينسى اسمه في يوم من الأيام!. عافرت النص ومضيت قدماً، واتكلت على البراعة في الرسم التي كونت صور حية لتلك الشخوص وساعدت ذاكرتي المنكوبة، لأني وجدت نفسي أمام صور نابضة بالحياة بدل من كلمات على ورق.
قيل أنا يوسا قد نجح في أن يكون حيادي في تناوله للقضية. لا أدري ما مدى صحة ذالك فحتى يوسا لم يستفزني في القراءة عن هذه الحرب فأنا لم أعد الشخص الذي كان؛ ومع ذلك وبالعودة مرة أخرى لشخصياته، فعلاً سيجد القارئ نفسه في حيره منها ومزيج الحب والكراهية موجود بمقادير متساوية لتلك الشخصيات التي قد تفرض أن نُكوّن عنها انطباع، أو على الأقل هذا ما أحسسته شخصيًا. نص الرواية بكل شخوصه نص محسوس!، الأشخاص حاضرين بشحمهم ولحمهم؛ أتحدى أي شخص قرأ الرواية وشغف بها ولم يشتم تلك الروائح والحرائق، ويشعر بذلك الارتياح والانتعاش عندما يعلن يوسا أن شخصا قد أخد حماماً!.
رواية لأصحاب النفوس الطويلة، تحتاج تركيز وصفاء ذهن للاستمتاع بها. ولمن يستسيغ (لست منهم) ورقة وقلم أثناء القراءة. شخصيا أعتقد أني سأعود لها مرة أخرى، قراءة واحدة لا تكفي.
****** *** * **
سمعت مرة حكاية يوسا عن علاقته بوالده وعن الصدمة التي لم يشفى منها بعد، عندما فجأة في سن العاشرة، اكتشف أن من قِيل عنه أنه قد مات ولا توجد صورة له في الذاكرة، عاد للحياة ليحتل دورة الطبيعي كرب للأسرة بعد الصلح مع والدته. الطلاق كان عاراً بالنسبة لعائلة كاثوليكية محافظه فقرر الأهل أن يعتقد الابن أن الأب قد فارق الحياة فهو أفضل من عار الفضيحة، فضيحة الطلاق!. يقول أن علاقته بوالده سيئة جداً، فهذا الأب شعر برعب شديد عندما اكتشف أن ذلك الابن محب للشعر والقراءة فقرر استئصال هذا الداء بإرساله لمدرسة عسكرية ومن غير أن يدري فقد ساهم بشكل أو أخر في تسريع نمو تلك الموهبة وجرت الرياح بعكس ما تشتهي السفن. يقول يوسا عن تلك الفترة أنها فترة القراءات الكثيرة، قرأ بنهم لروائيي العالم وكان الشخص الذي لجأ له زملاءه لكتابة رسائل العشق لمحبوباتهم ولكتابة القصص الإيروتيكية للتسلية في أوقات فراغهم. ثمن ما يكتب كان السجائر وبالتأكيد تمرين لقلمه. تجربة المدرسة العسكرية كانت وحشية و قاسية جداً لشخص مُرفّه ومرهف ويهوى الشعر؛ نهاية تلك التجربة كانت السبب في ولادة روايته الأولى** التي لاقت نجاح كبير فاجأ في المقام الأول كاتبها وترجمت للعديد من اللغات (ليس للعربية بعد!). بالعموم شكراً لذلك الأب الذي ساهم بشكل أو أخر في ميلاد " أو تسريع ميلاد" هذا الفذ الذي للمرة الرابعة لم يتوقف عن إدهاشي.... الآن حرفياً يدي على قلبي؛ هل في جعبته المزيد بعد الرقم أربعة؟! سنرى....
_____________________
The Time of The Hero**