يصل يوسا لقمة ابداعه بهذه الرواية الضخمة حجما وقيمةً أدبية، قد يفوّت قلبك أحدى النبضات -كما يقول يوسا- وأنت تتابع المعارك الدامية بين عقول العسكريين وقلوب أهالي كانودوس ومرشدهم.
معارك أقل وحشية وأكثر قذارة تدور بين من يرعى مصالح الجمهورية حسب صلاحيته ونظرته للأمور، نظرة ترى في ثورة كانودوس مايخدم الملكية بسذاجة البسطاء، وبين القدح والشفة كثير من المزالق، هذا مايكتشفه قادة الحملات المتكررة على كانودوس.
الايمان العميق للأنصار بمبادئ المرشد لايختلف عن وحشية الآلة العسكرية عند التعامل مع الاعداء، النتيجة واحدة رغم الاختلاف، هنا أذكر هذا الاقتباس من الرواية :
" إن مايفسر البطولة خير تفسير ليس الدوافع السامية الجليلة دائما. هناك التحامل، ضيق العقل، أشد مايمكن تصوره من الأفكار غباءاً."
الصحفي قصير البصر يستغرب فكرة احتمال إصابته في حرب هو فيها مجرد شاهد لاناقة له فيها ولاجمل، جوريما ترى أيضا أن لاصلة لها بتلك الحرب وأن الرصاص سوف يحترمها تبعاً لهذه القناعة، قد تتبنى مثل الأفكار الغير منطقية المضادة للرصاص في مناطق أقل خطراً وبنفس اليقين.
يذوب المكان والزمان في ظل روفينو في صورة بديعة ليوسا: "يجتاز روفينو برية لاظل فيها غير ظله يتبعه أول الأمر ثم يسبقه"، مشاهد انسانية رائعة تختبئ هنا وهناك في التفاصيل والقصص التي لايكتفي منها يوسا حتى آخر نَفَس، عندما تنتهي من الرواية تبتعد قليلاً لتستعيد تفاصيلها من جديد لرؤية جمال اللوحة بكاملها.
أعجز عن حصر هذا الابداع في مراجعة واحدة، لحسن الحظ وجدت التعويض في غنى هذه التدوينة الجميلة للصديقة ايمان:
****
اقتباسات:
- هل يمكن بيع كلمات الله ؟ ألا يتوجب القاؤها دون مقابل، دون قصاصة السعر الملحقة بها ؟
- المثقفون خطرون، ضعفاء، عاطفيون، قادرون على توظيف خير الأفكار لتبرير شر الأفعال.
- عن أنصار المرشد : كأن أولئك الاشقياء قد أتفقوا على التجمع هناك، كأن الله قد جمعهم سوية..المرضى والعجزة وكل من لم يبق لديه رجاء، عائشون هناك، الواحد فوق الآخر. ومع ذلك فإن أولئك الناس سعداء رغم بؤسهم !
- السياسيون المدنيون نكبة على الجمهورية، ومصدر فساد وانقسام، الرجال الذين يحملون السيوف ويرتدون البزات العسكرية هم وحدهم القادرون على بعث الوطن الذي حطّ من قدره حكم المُلوك.
- عن النساء: إنهن أكثر الناس غموضاً في هذه الدنيا (قدريّات) نشأن لتقبّل كل ماتجيء به الحياة، سواء كان جيداً أو سيئاً، أو فظيعاً.
رابط المراجعة على الجودريدز :
****