اقتباسات من كتاب القومية العربية والقوميون في تونس (1945 - 1980)

كشف العدوان الثلاثي الذي استهدف مصر في عام 1956 عن وجود اتجاه عروبي في الدول العربية. كما زادت الوحدة المصرية - السورية من تألق فكرة القومية العربية التي باتت مطلباً جماهيرياً، واخترقت الوطن العربي كله. وتبلور هذا الشعور جلياً أثناء حرب حزيران / يونيو 1967 التي خاضتها مصر وسورية والأردن ضد الكيان الصهيوني

لقد أحدثت نكبة فلسطين في 1948 تبدلات عميقة في الوطن العربي بصفة عامة؛ فهي حركت في المغرب فكرة القومية العربية التي كانت قبل ذلك محصورة في الجزء الشرقي، لكنها أخذت بعد ذلك تنتشر في القسم الأفريقي، الذي بات ينظر إلى إسرائيل لا ككيان معتد على قطر عربي واحد، بل ككيان يهدد الأمة العربية من المحيط إلى الخليج‏

وعلى أثر إعلان قيام الكيان الصهيوني يوم 14 أيار / مايو 1948، هبَّ الشعب التونسي لنجدة فلسطين. وصدر تقرير للمقيم العام الفرنسي في 22 تموز / يوليو 1948 يفيد بأن حتى 20 من الشهر نفسه أحصت المصالح الأمنية توقيف 2676 من المتطوعين التونسيين على الحدود مع ليبيا. وبحسب التقرير نفسه، فإن عدد التونسيين الذين تمكنوا من الوصول إلى ساحات المعارك وجبهات القتال في فلسطين يقدّر بحوالى 3000 متطوع، وهو رقم كبير مقارنة بعدد متطوعي البلدان المغاربية الأخرى؛ إذ لم يجرِ حتى تموز / يوليو 1948 مثلاً إحصاء أكثر من 110 متطوعين جزائريين و25 متطوعاً مغربياً اتجهوا إلى فلسطين، مروراً بتونس‏

تابع التونسيون تفجّر الأوضاع في فلسطين، وعُقد اجتماع ضخم ضم جميع مكونات الحركة الوطنية يوم 4 كانون الأول / ديسمبر 1947، في ساحة جامع صاحب الطابع تحت شعار ‏"‏من أجل فلسطين عربية‏"‏، ونودي بضرورة إغاثة فلسطين، لما لها من مكانة في الوجدان العربي والإسلامي. أما علي البلهوان‏(404)‏، أحد الحاضرين، فكان تدخّله أكثر تسيساً، حيث ربط الصراع في فلسطين بتونس واعتبره ‏"‏مسألة حياة أو موت لو لم نتصلب وندافع هناك سننتهي، لو ننجح في فلسطين ننجح أيضاً في تونس‏"