مدن الحليب والثلج > مراجعات رواية مدن الحليب والثلج > مراجعة حسين قاطرجي

مدن الحليب والثلج - جليلة السيد
تحميل الكتاب

مدن الحليب والثلج

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

☆☆ مراجعة رواية "مدن الحليب والثلج" للكاتبة "جليلة السيّّد". كتبها: حسين قاطرجي.

عجيبٌ أمر هذه الكاتبة "جليلة السّيّد"، كيف استطاعت أن تجسّد الحزن حروفاً وأن تسكب الألم في معانٍ منطوقة، وأن تخلق من الفكرة جرحاً يشعر به ويتألّم له كلّ قارئ.

تطالعنا الأخبار دائماً عن أُُسَرٍٍ عربيةٍ تقيم في أوروبا، صدمتهم قواعد الرّعاية الاجتماعيّة الصّارمة التي تنقلب وحوشاً كاسرة تتربّص بالروابط المقدّسة بين الآباء وأبنائهم. ومن هذه القصص الكثيرة استلهمت الكاتبة روايتها الرائعة التي أشارككم حولها النقاط الآتية:

- موضوع الرواية الأساس ينطلق من حياة "لولوة" وهي امرأةٌ بحرينيّة تتزوّج سوريّاً، وتقيم معه في السويد، ولديها ثلاثة زهورٍ (فتاةٌ وولدان) تحصدهم منها عاصفة "السوسيال" واحداً تلوَ الآخر بحججٍ واهية: تعنيفها لابنتها "جمان" عندما وجدتها تدخّن، "يوسف" المصاب بالتوحّد، و"كريم" الرضيع الذي يأخذونه من أمّه بحجّة أنه ينشأ في أسرةٍ غير نموذجية!!.

- تضرب قوانين "السوسيال" بعاطفة الأمومة عرض الحائط، وبغض النظر عن كوننا نتحدّث عن رواية؛ فإنّ ما يحصل في بلدان الغرب حول هذه القضيّة حقيقيٌّ وواقعي، هذا القانون الجائر لا يأبه بدور الأسرة في تنشئة الطفل، ولا يجد واضعوه حرجاً من رمي الطفل عند أسرةً تتبناه، وهذه الأسرة لن تكون في أحسن أحوالها بأرحم بالأولاد من آبائهم.

- لقد سُحبت السعادة من بين أضلاع الأم "لولوة"، وتُرِكت خلف قضبانٍ غير مرئيةٍ من القهر واليأس. في كلِّ زاويةٍ من بيتها الفارغ من ضجيج الطفولة ترتعشُ ذكرى، تصرخُ ضحكةٌ غابت، وتتلوى روحُها شوقاً إلى لمسةٍ أو حُضنٍ أو مُناغاةٍ بريئة. أصبحتْ تُشاهدُ العالم من نافذةٍ سوداء حالكة، تسمعُ أصواتَ الأمّهاتِ وهنَّ ينادينَ أطفالهنّ؛ فينزفُ قلبُها دماً صامتاً على مذبح الأحزان.

- في الرواية تحشد الكاتبة "جليلة السّيّد" مواضيع شتى دون أن تنحرف بالرواية عن محورها الأساس، فهي زوجة مظلومة، وأم لطفلة تعرّضت للاغتصاب مرّتين من أشخاصٍ يُفترض أنّهم ملاذها الحامي! تضع الكاتبة أيضاً الحرب السوريّة ضمن السّياق، وكذا الحرب في العراق، ثمّ تحرير سوريا وانتقالها إلى عهدٍ جديد؛ وهو توظيفٌ جيّد منح الرواية بُعداً دراميّاً جديداً دون أن يؤثر سلباً على المحور العام.

- التكرار سلبيّة الرواية الوحيدة، في بعض الأحيان تمرّ بنا عشرون صفحةً مناطها فكرة واحدة، هذا التكرار، قد لا تجد به الكاتبة بأساً، ولكنه يزرع بذور الملال عند القارئ.

- زبدة القول: هذه رواية رائعة، حزينة، مكتوبة بالدموع، تحكي لنا بصدق عن الطفولة التي جُعلت فريسةً تحت مشرط القانون البارد، وتروي قصةً من مئات القصص عن (أحفاد الفايكينغ) الذين نجحوا في أن يورثوا الأمّهات ليالٍ ثكلى لايملؤها سوى طيفٌ صغيرٌ، وأنّ القانون الأعمى عن أوجاع الرّوح لايجعل من الأمهات إلا شاهداتٍ على موتٍ أمومتهم وهنّ أحياء.

● مدن الحليب والثلج.

● جليلة السّيّد.

● دار الرافدين. الطبعة الأولى 2025.

● 224 صفحة.

Facebook Twitter Link .
2 يوافقون
اضف تعليق