انتهيت من قراءة رواية مدن الحليب والثلج لجليلة السيد، وأجدها من أصدق الأعمال التي لامست قلبي منذ زمن طويل. يؤسفني أن تُختزل حماية الطفل في إبعاده عن حضن أمه الدافئ لأسباب غير منطقية، كأن يكون معيارها الاستقرار المادي، وكأن صلاحية الأم تُقاس بالمال. في عالم يسعى فيه الجميع وراء الاستقرار ولا يجده، وُجد من يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، فهل من العدل أن تُنتزع الأمومة من قلب امرأة تبذل كل جهدها لرعاية طفلها، ثم تُواجه بعبارة قاسية: “أنتِ غير مؤهلة لرعاية طفلك”؟
تحكي الرواية قصة امرأة لم تعرف في حياتها سوى الخذلان، فحاولت أن تعوضه بابنتها “جومان”. فهل أخطأت في ذلك، أم أن جروح الماضي كانت هي المحرك الخفي لكل قراراتها؟ رأت في الهجرة حرية، لتكتشف أنها قفص لا يراه إلا من استوحش برده ووحشته. فأين الملاذ إذن؟ وأين الخلاص؟
هي حكاية خيالية، لكنها في الوقت ذاته واقع كثير من الأمهات والنساء اللواتي يعانين بأشكال مختلفة. إلى متى يُفرض على المرأة الاستسلام لزوج قاسٍ أو العنف لمجرد أنها امرأة وهو رجل؟
رواية أبكتني حقًا، وتأثرت بها رغم أنني لست أمًا بعد. لغتها جميلة، رائعة وبسيطة، تحمل من العمق والألم الكثير، وتوصل رسالتها بأسلوب صادق وملامس للمشاعر.
أقيّم الرواية بخمس نجوم، ولو وُجد أكثر لأعطيتها.