مدن الحليب والثلج > مراجعات رواية مدن الحليب والثلج > مراجعة Doaa Saad

مدن الحليب والثلج - جليلة السيد
تحميل الكتاب

مدن الحليب والثلج

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

مدن الحليب والثلج

جليلة السيد

Dar alrafidain دار الرافدين

224 صفحة

2025

عندما تصبح الحياة درجات من الألم، تصبح الحكاية أقرب إلى جرح مفتوح على احتمالات لا نهائية من الوجع.

من هنا تبدأ رحلة لولوة، أو لؤلؤة كما يحلو للكاتبة أن تسميها، حيث تتماهى البطلة مع اسمها ليست لؤلؤة صلبة ولدت من حبة رمل داخل محارة، بل كيان اصبح هش تفتت إلى ذرات من الرمال وتبعثر في صحراء لا قِبَل لها بريحها العاتية.

تفتتح الرواية بمشهد موجع تهتز له قلوب الأمهات مشهد تدخل نظام السوسيال السويدي الذي ينتزع الأطفال من أسر اللاجئين بحجة “عدم الأمان الأسري”، ليضعهم تحت وصاية عائلات سويدية تتلقى معونات سخية مقابل تبنيهم، دون اعتبار للاختلاف الديني أو الثقافي أو العادات الاجتماعية.

في هذا السياق، يتحول الحلم باللجوء إلى تجارة مؤلمة، وتصبح الأم مكلومة القلب، تبحث عن نصفها النابض باسم طفلٍ انتزع منها بالقوة.

ثم تنتقل الرواية بخط زمني متقاطع (فلاش باك) إلى ماضي لولوة، حين لم تكن تتجاوز الخامسة عشرة ربيعآ.

وفاة والدها كانت البوابة الكبرى للانكسار إذ يُجبرها أخوها على الزواج بعجوز مدمن، في زواج لم يثمر سوى الطلاق بعد عامين وطفلة تُركت على حافة الموت.

منذ تلك اللحظة، تبدأ مسيرة البطلة في مواجهة أقسى وجوه الحياة من قهر، خيانة، ظلم، هجرة، فقدان، ثم عودة مُثقَلة إلى وطنٍ كان يومًا يحمل لها رائحة الأمان.

ومع كل محطة، تتشكل شخصيتها فتصبح أكثر قوة وصلابة، كمن ينهض من تحت الركام متوشحًا بالصلاة والصبر.

الرواية لا تقتصر على حكاية امرأة واحدة، بل تفتح أبوابها على كل أوجاع الأسرة والمجتمع

بخل الأزواج والعنف الأسري والطلاق وما يترتب عليه من إهمال النفقة.

معاناة المرأة المطلقة تحت تضييق الأهل ونظرة المجتمع القاسية، خصوصًا في السياق العربي.

قضايا المراهقة والأنوثة مثل الحب، الحرمان، الحجر على قرارات الفتيات، وحرمانهن من الميراث.

التح.رش الذي يصل إلى الآغ.تصاب سواء في المجتمعات العربية أو الغربية.

الح.روب والتهجير في سوريا والبحرين، وسط.وة جماعات تدّعي الإسلام وهو منها براء.

وحتى معاناة الرجال الذين وجدوا أنفسهم بلا وطن آمن، ممزقين بين الحروب والانقسامات الطائفية، فيقتتل الإخوة بأيديهم قبل أن يواجهوا العدو.

العمل إذن لوحة مكتملة الأوجاع، لكن الكاتبة لا ترسمها بالأسى وحده، بل تغلفها بلغة عربية فصحى أنيقة مشبعة بالروح البحرينية، لغة تحمل موسيقى خاصة تمزج بين جمال البحر وبؤس الظروف.

هذه اللمسة المحلية أضافت للرواية رائحة المكان وألوانه، فازدادت النصوص حياة رغم ثقل الألم.

أما العنوان والغلاف، فقد جاءا مفعمين بالرمزية: “مدن الحليب والثلج” ليست فقط مدن الطفولة والفقد، بل هي صورة للاغتراب، للنقاء الملطخ بالبرد والرحيل، للطفولة المسلوبة من أحضان الأمهات.

الرأي الشخصي

مدن الحليب والثلج عمل ثقيل، مؤلم، لكنه بديع ومكتوب بحرفية عالية.

الرواية تستحق القراءة بجدارة، بل وتستحق أن تُناقش كعمل أدبي وإنساني يضع يده على جروحنا المشتركة.

هي رواية ستبقى مع القارئ طويلًا، لأنها لا تحكي عن لولوة وحدها، بل عن آلاف النساء والرجال والأطفال الذين طحنهم القهر والاغتراب.

إقتباسات راقت لى

❞ أنّ الإنسان لا يُصقل بالكمال، بل بالتشظّي. وأنّ في كلّ شرخٍ داخلي، بذرة وعيٍ تتفتّح… تمامًا كما يولد الضوء من قلب الانفجار. ❝

❞ في امرأةٍ تنسلّ من ماضيها وتمضي دون خوف. امرأةٍ تمزّق الصورة التي رسمتها لها الظروف، وتعيد نحت ملامحها بصورة أبهى. امرأةٌ لم تعد تعيش على أطلال البارحة، وإنما تبني مجدها من تجربتها بكلّ آلامها. امرأةٌ لا تخشى رحيل رجلٍ، ولا تنتظر عودته. امرأةٌ تفهم أن الوجع، إن أحسنّا الإصغاء له، يرسم خارطةً نحو الحرية وحريّتي، ليست في لباس، ولا طعام، ولا كلماتٍ منمّقة في كتب التربية أو القانون، بل في قدرتي على اتخاذ قرار، قرارٍ واحدٍ فقط، كلّ يوم، يشبهني، يصدّق قلبي، ويليق بمبادئي. ❝

❞ حين تكفّين عن الترقّب، عن نظرة العالم لكِ، تدركين ــ ولو متأخرة ــ أنّكِ لم تُخلقي لتكوني ظلًّا تابعًا… بل سيّدة الضوء.

‫ وأنّ الجاذبية ليست في مرآة، ولا في نظرةٍ عابرة❝

❞ أنّ الفقد حين يبلغ ذروته، لا يكسرنا فقط؛ بل ينحتنا من وجعٍ آخر. ❝

❞ ما يلي الموت أكثر قسوة، حين يتحول من كان يومًا ضوءًا في حياتك إلى مجرد إجراء رسمي، إلى جثمانٍ في صندوقٍ معدني، إلى شحنةٍ يجب أن تصل في موعدها المحدد، بلا تأخير. ❝

❞ أصبحتُ امرأةً تغار، إنها غيرةٌ لا تشبهني، ليست غيرة طفولية، ولا غيرة امتلاك، هي غيرة وِحدة.

‫ أغارُ لأنني وحيدة، مركونة، شعور بأنني لم أعد أرى انعكاسي في عينيه كما السابق. في كلّ مرّة أقرر أن أواجهه… أسأله، أتراجع في آخر لحظة.

‫ لأنني أخاف…

‫ أخشى أن أكون مخطئة،

‫ الأدهى أن أكون محقة،

‫ أخاف من إجابةٍ تَفتح جرحًا لا أستطيع إغلاقه. ❝

❞ أنا لستُ ورقةً يعود لها إذا بقي مقعدٌ شاغر. أنا اليقين الذي لا يُؤجل.

‫ أنا في حياته قَدَر، ولا رجعة في القدر. ❝

‏❞ «المطلقة» تليق بمن لا يجد غيرها. ❝

❞ أنا أرمم طفولةً أتحسرُ عليها، وهي تبني طفولتها بما تبقى من قلبي، طفولة أغزلها بما حُرمت منه. نضحك، نركض، نرسم طقوسَ عائلة صغيرة وسط عالمٍ لا يشبهنا. ❝

❞ علمتني ضحكتها أنّ الحياة يمكن أن تُعاد صياغتها؛ ضحكاتها موسيقى تنفخُ في روحٍ مطفأة. خطواتها المتعثرة.. ألعابها البسيطة.. أعادت لي متعة الاكتشاف بنضج أمٍّ وبراءة طفلة. ❝

‏#ما_وراء_الغلاف_مع_DoaaSaad

#أبجد

#مدن_الحليب_والثلج

#جليلة_السيد

Facebook Twitter Link .
8 يوافقون
اضف تعليق