مدن الحليب والثلج > مراجعات رواية مدن الحليب والثلج > مراجعة هند أحمد السيد

مدن الحليب والثلج - جليلة السيد
تحميل الكتاب

مدن الحليب والثلج

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

الرواية: مدن الحليب والثلج.

الكاتبة: جليلة السيد.

دار النشر: الرافدين.

عدد الصفحات:282.

"ما أقسى أن تراقب نفسك من الخارج، كأنك ممثل مجبور في فيلم رديء، لا تجرؤ أن تصرخ : " أوقفوا التصوير!"

في البحرين، حيث تبدأ الرواية في منزلٍ قديم متهالك حيث تتحمل لؤلؤة العذاب والضرب من زوجها الطاغي، الذي لا يهتم لزوجته ولا ابنته جومان، ويقوم بضربها باستمرار حتى وصل الأمر إلى طردها عدة مراتٍ من المنزل لتصل النهاية إلى تقديم محضرٍ ضده وطرده من حياتها.

لؤلؤة الطفلة المدللة لوالدها و والدتها الشامية ذات الابتسامة العذباء والروح الطيبة، وتعد الزوجة الثانية لوالدها، والتي كرهت لؤلؤة وكرههم ابناؤها، وعند وفاة والدها قام عبدالله عند أول فرصة بتزويجها لصديقه الكبير في السن البخيل الطاغي، ولقد كانت تقع حباً في ابن خالها عصام وحباً في دمشق لؤلؤة الشام عاصمة سوريا المحتلة من النظ.ام الفاسد.

❞ ‫ الأمومة؛ أن تضعي طفلك جهةَ القلب، وتضعي بقية العالم، على وضع الطيران. أن تكوني أول من يستيقظ على شهقة، وآخر من ينام على نبضه، وأن تتذكّري في نومكِ أنّ طفلكِ سيبكي بعد قليل، فلا تعرفين النوم أصلًا. أن تُخيطِي النهار على مقاس بكائه، أن تنسي صوتكِ لتُتقني لغته، وتُذيبِي جسدكِ كي يشتدّ عوده. أن تنجبيه بعد تسعة أشهر، وتحمليه بعدها كلّ العمر. ❝

جسدت الرواية بطريقة رهيبة ومبدعة مشاعر لؤلؤة وإصرارها على التعلم حتى بعد زواجها، واضطراباتها وضعفها الفطري وحبها الرهيب لابنتها التي رأت فيها نفسها وحاولت أن تجعلها تعيش حياة سعيدة مترفة، ولقد كانت الطامة حينما علمت من معلمتها الأخصائية أن الرجل الذي وثقت به لتوصيل ابنتها للمدرسة يقوم بالتحرش بابنتها، لتكون بداية الشقاق الرهيب بين لؤلؤة وابنتها.

بعد فترةٍ من الزمن ومحاولة لؤلؤة الوصول لحبها القديم عصام الذي خرج من دمشق دون معرفة وجهته أو أخبارٍ عنه، لتعرف بعودته إلى الشام أخيراً، لتبدأ حكايتها معه بسفرها إلى خالها برفقة ابنتها جمان التي أحبت المكان و وجدت روحها فيه برفقة أبناء عبير شقيقة عصام.

بعد انتظار طويل تزوجت لؤلؤة من عصام وتعلقت جمان به كأنه والدها وكان هو كذلك، ليذهبا إلى السويد حيث تقطن شقيقته، وتتسع مسافة البعد بين لؤلؤة وجمان، ومحاولة عصام الحصول على الجنسية التي تشترط حسن السلوك لمدة خمس سنوات، ليقوم بافتتاح مطعم في السويد في منطقة يكثر بها المهاجرين من العرب، ولقد زاد من شهرته إنقاذه لحياة طفلٍ سقط في النهر دون تردد.

❞ ‫ الفراق.. لم يكن في الحسبان، الحياةُ ليست تلك الخطط التي نرسمها ونراجعها كلّ حين، الحياةُ مفاجآت تضربُ كالعواصف، تقتلع كلّ شيء من جذوره، تتركنا عالقين في الخواء. ❝

عادت لؤلؤة إلى البحرين لإنهاء بعض أوراقها، حين ضرب العالم حينها جائحة كورونا، لتفترق عن زوجها وابنتها لمدة عامٍ كامل رفقة ولدها يوسف، وتعود أخيراً إليهم مع اكتشافها الصادم بأن يوسف مريضٌ للتوحد، وإظهار القوانين الغبية للسويد في رؤيتهم لخوفها عليه واهتمامها به حباً مفرطاً وتعلقاً قد يهدده بالخطر.

❞ أنا صامتة، لا لأنني بخير، بل لأنّ الوجع حين يفيض، يُخرس اللسان. والقلوب التي ذاقت أكثر مما تحتمل، تتعلّم ألا تُظهر نزيفها، يصبح الدم جزءًا من النبض، يمرّ خفيًا، كما تمرّ الخيبات. ❝

بعد اتساع الفجوة الرهيبة بين جومان ولؤلؤة، كانت الطامة حينما أخذها الأمن السويدي لعائلة أخرى بحجة العنف الذي تتعرض له في المنزل من خلال لؤلؤة كونها صفعتها لمرة واحدة، ليقوم عصام بكل جهوده بنشر القصة والطلب منهم بإعادتها دون حياة لمن تنادى، وتحاول لؤلؤة بكل جهودها الوصول إليها والاستعانة بالمحامي ورفع عدة قضايا ومنها بأنها خريجة علم النفس، خاصة بعد أخذ ولديها كريم ويوسف منها.

❞ كم مرّةً خُدعنا بجمال الأشياء قبل أنْ نكتشف أنّها محضُ قناعٍ هشٍّ يغطي عطبًا فاسدًا في جذورها؟ كم مرّة ألقى بنا القلب في متاهاتِ وهمٍ سخيف، ظنًّا منه أنّ العطر دليل طهارة، وأنّ اللّون مؤشر للحياة؟ ❝

حاولت جمان العودة لولدتها وإقرارها بخطئها خاصة بعد محاولة الرجل صاحب المنزل التحرش بها، لتنتهي محاولتها بالانتحار هرباً من الاغتصاب، لتكون الفتيل الذي أشعل الغضب في أنحاء السويد وخارجها، تزامناً مع سقوط النظ.ام وإشراق سوريا ودمشق، وكم برعت الكاتبة في وصف مشاعر لؤلؤة ومشهد عودتها بجثمان ابنتها إلى البحرين وكيف تلقاها من حولها بالتعازي خاصة شقيقها عبدالله الذي كان يكرهها ليكون وجعهم واحداً.

تأثرت بحب عصام العظيم لجمان ومحاولاته لإنقاذها وكيف كان يعاملها كابنة له وأكثر، ليكون انتقامه بالغاً حينما اختطف امرأة يهودية ليساوم بها الحكومة السويدية مقابل عودة أبنائه يوسف وكريم إلى أمهم، واختفائه دون علمٍ بحياته أم بوفاته.

ناقشت الكاتبة قضية الشيعة وتعصبهم البالغ واستدراجهم لكل هارب من بلده لتجنيده، ورؤيتهم أن كل من لايتبع ما يتبعونه خارج عن الملة ويجب قتله.

الرواية جرعة اكتئاب بدرجة امتياز، واللغة قوية فصحى والحوار باللهجة البحرينية التي أقرأها للمرة الأولى على الرغم من إعجابي الشديد بها.

اقتباسات رائعة:

❞ يقف الظالمُ يمد يدَهُ وفي قناعتهِ، أن الصفح حقٌّ مكتسب له وحده، لا قرار يؤخَذ منّا، نحنُ المكلومون بالشوك والوجع. ❝

" الهوية ليست اسماً على وثيقة ولا علماً فوق مبنى قنصلية. الهوية جذر عميق حين يقتلع، لا يتبقى إلا ساق ذابل. "

Facebook Twitter Link .
13 يوافقون
اضف تعليق