كتاب : مدن الحليب و الثلج
للكاتبة : جليلة السيد
دار النشر : دار الرافدين للطباعة و النشر و التوزيع
عدد صفحات: ٤٠٠ علي تطبيق Abjjad | أبجد
-عاصفة قوية تثلج مشاعرك… لن تصمد أمامها، ولن تستطيع أن تخرج منها كما دخلت. ستؤلمك، وستفتح بداخلك كل غرف الألم التي مررت بجوارها يومًا والتي لم تمر. ستكتشف أنواعًا من المعاناة أعمق وأشرس مما تخيلته أو قرأته من قبل.
-جليلة السيد قلمها حاد وقوي، مفرداتها صادقة وعاصفة، وصفها لا يترك لك مسافة لالتقاط أنفاسك. ليست مجرد راوٍ يحكي قصة، بل شاهدة على وجع كتبته بكامل قلبها. وضعت كل كلمة في مكانها، وكل شعور في موضعه، حتى شعرت أنني أعيش القصة لا أقرأها.
حكاية “لولو” أثقلت روحي… معاناتها، ألمها، بحثها المستمر عن الأمان، عن الحب، عن وطن يحتضنها… عن بيت تشعر فيه بالانتماء. رفعتنا جليلة معها إلى لحظات الفرح، ثم قذفت بنا إلى قاع الألم، كاشفة عن حقائق كثيرة قاسية واحدة منهم في السويد ومنظمة “السوسيال” التي تتدخل بنزع الأطفال من أسرهم تحت ذريعة الحماية. ما قرأته دفعني للبحث أكثر، وفوجئت أن كل ما ورد في الرواية له جذور واقعية.
-ف في السويد، هناك قانون يمنع تمامًا أي عنف ضد الأطفال، حتى ما قد يراه الأهل “تأديبًا بسيطًا”. وإذا بلَغت “السوسيال” أن طفلًا تعرض لعنف جسدي أو نفسي أو حتى إهمال، يحق لها التدخل الفوري، بل وأخذ الطفل من أسرته ووضعه في رعاية بديلة. هذا القانون وُجد لحماية الأطفال، لكنه في عيون كثيرين يحمل وجعًا آخر حين يُفرّق بين الأم وطفلها.
ومن بين كل الجروح الأشد ألماً جاءت “جُمان” أبنة لولو كالطعنة الأعمق… طفلة بريئة، عانت من التحرش في صغرها، ثم انتحرت على يد الأسرة التي أخذتها قسرًا تحت وصاية “السوسيال”.
أيضاً تحت التحرش و الأغتصاب
لم يُسمع صوتها وهي تستغيث، ولم ينتبه العالم إليها إلا بعد أن رحلت.
هل يحتاج العالم إلى الدم حتى ينتفض؟!
هل لا تكفي الدموع، والكسور التي لا تُرى، والروح التي تنطفئ في صمت؟
عند الموت فقط نستفيق… نكتب كلمات الحزن، نصدر بيانات الاعتذار، ونعرض أموالًا للتعويض. ولكن… تعويض عن ماذا؟ عن حياة ضاعت؟ عن طفولة سُرقت؟
يمتلئ العالم بالجرائم الصامتة، بالمسكوت عنها… ألا يكفي؟!
-و “عصام”… تجسيد للحب الطفولي الذي تحطّم تحت أقدام الحرب. وهم جميل تبدد في صوت الرصاص ورائحة الدم. الحرب تغيّر البشر ولا تعيدهم كما كانوا أبدًا.
كيف لمن تشوّهت عظامه أن يواصل الحياة بلا خوف؟ كيف لمن دفن رأسه وغضبه سنوات أن ينجو من التشوهات التي تركتها المعارك في روحه؟
الحروب لا تقتل مرة واحدة، بل تعاود ابتلاع الناجين مرارًا وتكرارًا. ومن رأى الدماء والظلم عن قرب، سيحمل الانتقام في قلبه… انتقامًا من العالم كله، انتقامًا لا يهدأ ولا يكتفي.
-جليلة السيد لم تكتب فقط رواية، بل فتحت نافذة على حقائق مجهولة، وكتبت بجرأة عن معاناة لا يراها العالم إلا من بعيد. هذه ليست حكاية للتسلية، بل شهادة على الألم، على الأمومة التي تُسلب، وعلى صراع الإنسان الأبدي من أجل بيت ووطن ودفء وأمان.
-أرشحها وبقوة لكل من يؤمن أن الأدب يمكن أن يكون مرآة للواقع وصوتًا للمقهورين.
وأُحيي منصة #أبجد على حسن اختيارها لهذا العمل المؤثر، الذي يثبت أن تركيزها لا يقتصر على الترفيه، بل يمتد ليشمل الأعمال الملهمة التي تفتح العيون والقلوب على قضايا إنسانية عميقة.
أقتباسات ملهمة:
-❞ هي مرآتي القديمة، حين أتعب أراها، أختبئ فيها، كأنها تحرس ما تبقى منّي. لا تسألني أسئلةً صعبة، لا تطلب توضيحًا، تفتح قلبها وأفتح جروحي، وتبقى، حتى حين ألوذُ بصمتي، تملأ الفراغ بحكاياتها. تمنحني ما يشبه بيتًا في نهاية الغربة. ❝
-❞ الهوية ليست اسماً على وثيقة، ولا علماً فوق مبنى قنصلية. الهوية جذر عميق. حين يُقتلَع، لا يتبقى إلا ساقٌ ذابلٌ. ❝
-❞ الغربة؟ ليست لهجة غريبة، ولا طقسًا باردًا. الغربة حين تهمسين باسم طفلك، ولا يرد عليك. حين تصبح الأمومة «قرارًا»، والأبوة «إثباتًا»، والعائلة «ملفًّا في درج». ❝
-❞ الزمن يسرق كلّ شيء، إلّا ما نخبّئه بصدقٍ في القلب. ❝
-❞ الحب وحده لا يكفي لحماية أبنائنا من أقدارهم. ❝
-❞ هناك جرائمُ تُرتَكَب بتواطؤٍ صامت يمنحُ الجلاد الشرعية لسلطته على الضحية. حين تنكر الحماية وجود الألم، يصبحُ العالمُ بأسرهِ شريكًا في الجريمة، تمسي الحياة مسرحيّة عبثيّة، المذنب يُصفق له، والضحية تُجَرَّد من يقينها حتى تشكك في جراحها. ❝
تقييمي ⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️⭐️
#أبجد
#مدن_الحليب_والثلج
#جليلة_السيد