❞ وأنا صامتة، لا لأنني بخير، بل لأنّ الوجع حين يفيض، يُخرس اللسان. والقلوب التي ذاقت أكثر مما تحتمل، تتعلّم ألا تُظهر نزيفها، يصبح الدم جزءًا من النبض، يمرّ خفيًا، كما تمرّ الخيبات ❝
مدن الحليب والثلج، الحليب هو أمومة لولوة وعاطفتها تجاه أولادها، والثلج هو صقيع العالم من حولها، برودة الخذلان من العائلة، وصقيع الغربة التي استلبت منها اولادها.
الرواية مليئة بكثير من الازمات التي تمر بها لولوة من طفولتها وحتى نهاية الرواية، وهي في الكم من الكثرة بحيث لم يستوعب عقلي أن تكون كل هذه المصائب من نصيب فرد واحد، فأخذت أفكر، هل مثلا لولوة مريضة نفسيا وسنكتشف في النهاية أنها كانت تتوهم قهر وذل من حولها لها، وأن سحب أولادها منها كان هو القرار الصحيح؟ أم انها رواية تحاول تجميع أكبر قدر من المآسي لكسب تعاطف القراء؟ أم أن هناك اسقاط ما خلف أحداث الرواية؟
ملت في النهاية للاحتمال الأخير، خصوصا لما وجدت أن قصة لولوة تضم كل الأحداث العظام التي مرت بها شعوب المنطقة العربية مثل الربيع العربي، ظهور الدواعش والتيار المتطرف وأزمة اللاجئين في أوروبا التي نتجت عنهم، كورونا وما فرضته من حصار طال أفراد البيت الواحد. وعلى الصعيد الشخصي تجربة لولوة مع عائلتها ونصيبها في الزواج يعكس حالات متكررة نراها ونسمع عنها كثيرا.
لذلك أكملت قراءة الرواية على هذا الأساس، أن لولوة ما هي الا اسقاط عن الشعب العربي، ليست دولة معينة كالبحرين أو سوريا، ولكن عن كل شخص عربي عانى من الخذلان والطغيان في وطنه فهرب الى الغرب الذي يتغنى بالحرية واحترام حقوق الإنسان، فوجده أكثر قسوة عليه من وطنه، فعاد في النهاية الى موطنه مكسورا، مجرد حطام.
وعلى هذا الأساس أقيمها بأنها رائعة ومتميزة
محمد متولي