لحظات تبقى كبريق النجوم،
لها نسعى، وبها ندوم،
كمطر ربيعي يسقي عطشي والورود، كسماء أنقى من لون الغيوم.
عندما بدأت قراءة الكتاب ولاحظت وجود العديد من ذكريات طفولتي داخله، خطرت في بالي أغنية كنوز سييستون، وأحسست أن هذا المقطع يتناسب مع الذكريات التي نجمعها طوال الطريق، لنتذكرها في المستقبل.
وعلى الرغم من أن تصنيف كتاب "عن العشق والسفر" قد يجعله يدرج ضمن أدب الرحلات، فإنني أشعر أن الرحلة الأكثر إثارة من رحلة اليابان، هي رحلة تكوين الذكريات نفسها. الرحلة كانت عاطفية ولطيفة، مما جعلني أشعر أنني فرد من أفرادها، لدرجة أنني كنت أتحمس كلما ذهبوا إلى مكان معين، وكأنني كنت هناك بالفعل.
ولقد كانت لي أنا أيضًا رحلة مع هذا الكتاب، ما زالت محفوظة على حائط ذكرياتي. بدأت في العام الماضي، عندما كان الكتاب ضمن قائمة القراءة، وجاءت قراءات الأصدقاء لكتاب بلورة الأمنيات، فحفزتني قراءاتهم ودَفعتني أنا أيضًا لبدء رحلتي معه. واكتشفت حينها أنني كنت محرومة من متعة قراءة هذه السلسلة.
وفي هذا العام، بدلًا من أن يكون الكتاب على قائمة القراءة، أصبح على قائمة المشتريات. وتصنع الأستاذة نُهى الذكرى اللطيفة بنفسها،حيث كانت تقوم بتوقيع الكتاب بمحبة ودفء.
بالطبع،انا أشعر أنها صديقتي، لأنني أقرأ الكتاب وأرافقهم في الرحلة. لكن أن أشعر بهذه الحفاوة منها، وهي لا تعرفني، كان واحدًا من ألطف المشاعر التي عايشتها خلال زيارتي للمعرض. بدأت رحلتي في اليابان مع ا نهى وأسرتها. ذهبت معهم إلى البرج، واستمتعت بالسير في الحدائق في الطريق إلى برج طوكيو، وسعدت برؤية صورة الكابتن ماجد التي أنعشت الكثير من ذكريات طفولتي، و سررت بلقاء "فلفل"، الروبوت اللطيف.
ومن الأشياء التي جعلت الكتاب مميزًا بالنسبة لي أنني أحب اليابان، وكلما قرأت جزءًا، تذكرت شيئًا يبهجني. فعلى سبيل المثال، عندما جاء ذكر نبات القيقب، تذكرت مقولة من إحدى مسلسلاتي المفضلة: "إذا التقطت ورقة نبات القيقب، ستقع في الحب مع الشخص الذي يسير معك." فكرت حينها: أتمنى لعائلة الأستاذة نُهى الكثير من الحب، بما أنهم التقطوا الكثير من الأوراق.
أحببت جدا الأجزاء التي احتوت على معلومات وشروحات، مثل أسطورة موميجي، والتعريف بالديانة الشنتوية، وفسيفساء الصور الحديثة. وأكثر الأجزاء التي جذبتني كان جزء قلعة أوساكا. ولكن حيرتني كثيرًا معلومة استخدام برج القلعة خلال فترة الحرب العالمية الثانية، لأن دخول الحلفاء إلى اليابان تم بعد نهاية الحرب واستسلام اليابان، وأغلب المناطق التي تم احتلالها كانت بعد انتهاء الحرب. لذلك، أردت معرفة قصة استخدامهم للمبنى أثناء الحرب، وبحثت كثيرًا، لكن لم يُفضِ بحثي إلا إلى أن الأبراج قد تكون تضررت أثناء غارات الحلفاء على اليابان. لقد أحبطني ذلك، لأنني كنت أتوقع قصة من نوعية "خلية تجسس للحلفاء كانت تقيم في البرج أثناء الحرب العالمية الثانية"!
بعد الجولات التاريخية، جاء الجزء الأكثر إثارة بالنسبة لي، وأعتقد أن قلبي كان ينبض وأنا أقرأ، وأيضا وأنا أكتب، وهو جزء الملاهي. منذ صغري وأنا أحب الذهاب إلى الملاهي، لذا أحببت هذا الجزء جدًا، وشعرت بالإثارة مع كل جولة وكل لعبة تم الإشارة إليها. لكن طوال الطريق كنت أتساءل: "ألن يذهبوا إلى عالم هاري بوتر؟" وللأسف، لم يحدث ذلك. لكن زيارة ماريو، والمينيونز، والحديقة الجوراسية كانت رحلة ممتعة أيضًا.
أحببت احتفاء الكتاب بالنباتات أيضا، من القيقب وهندسة الحدائق، إلى شجرة الباولونيا التي يعشقها اليابانيون، وتتجسد في أعرق وسام لديهم، وهو "وسام الشمس المشرقة". وعلى الرغم من أن هذا الوسام يحظى بسمعة رائعة، فإنني، بسبب تشابه الاسم بين الوسام والعلم الياباني القديم (علم الشمس المشرقة)، شعرت بالتناقض. فما إن يظهر هذا العلم في أي مناسبة، مثل الأولمبياد، حتى تتعالى أصوات الرفض لرؤيته، لأنه يذكّر الشعوب الآسيوية التي احتلتها اليابان بالمآسي التي تسببت بها. فأحيانًا يحمل الاسم عدة معانٍ؛ فما يحمل الفخر والعزة لليابانيين، قد يحمل الأسى لبعض الشعوب الأخرى.
لمسني للغاية الجزء الأخير في الكتاب عن اليابان والإسلام، فقد كانت معلومات جديدة علي بالكامل.
وصلنا إلى نهاية الكتاب، وبقي لدي تساؤل. على مدار الكتاب، ظهر جبل فوجي على هامش الرحلة، لكنني كنت أتمنى أن تكون هناك زيارة مفصلة له أيضا. لذا، أطالب برحلة أخرى إلى اليابان!
الرحلة في اليابان كانت جميلة وممتعة، والأجمل كانت رفقة الأستاذة نهى خلالها. لقد أحببت الكتاب، واستمتعت أيضا بفعالية "حائط الذكريات" على الجروب. أعتقد أن الكتاب، والذكريات التي احتواها، كانا أشبه بمرآة؛ رأى كل واحد منا من خلالها ذكرياته الخاصة. فعلى الرغم من أننا جميعا نمتلك النسخة ذاتها من الكتاب، فإنه دفع كل منا لصنع نسخة شخصية تعكس ذكرياته.
أتمنى للجميع أن يصنعوا ذكريات سعيدة يتذكرونها في المستقبل، وتمنحهم الدفء. ولا يشترط أن تكون الذكرى ضخمة أو كبيرة لتمنح السعادة، فأحيانًا تتجمع السعادات الصغيرة لتصنع ذكريات عديدة وكبيرة في المستقبل.
فأنا أعتقد أن الذكريات تشبه فسيفساء الصور في الكتاب؛ حتى مع صغر كل ذكرى، فإنها في نهاية الأمر تجتمع لتنتج لوحة كبيرة لحياة الإنسان.