ظننته فيصل > مراجعات رواية ظننته فيصل > مراجعة ماجد رمضان

ظننته فيصل - عبير حامد
تحميل الكتاب

ظننته فيصل

تأليف (تأليف) 4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

ظننته فيصل

الكاتبة عبير حامد.

الدار المصرية اللبنانية

تتداخل العلاقة بين علم النفس والأدب، وتصل إلى حافة الصراع والتنافس حول تفسير السلوك الإنساني، واكتشاف أسرار النفس البشرية.

حيث يسعى الطبيب النفسي إلى سبر أغوار النفس البشرية واكتشاف أسرارها على نحو يتسم بالعمق والنفاذ، ويسعى الأدب إلى الهدف نفسه.

وكما قال عالم النفس فرويد أن عمل الطبيب النفسي والروائي مجالهما الحياة النفسية، وما يصل إليه الطبيب النفسي بالعلم يبلغه الأديب بالحدس، وغير مطلوب من الطبيب النفسي أن يأخذ بالمنهج الأدبي، كما أن الاديب غير ملزم بأخذ المنهج العلمي للطبيب النفسي.

وقد شكلت أعمال أدبية شهيرة عتبة مهمة أمام الطب النفسي لمعرفة حقيقة بعض الأمراض والوقوف على مظاهرها وأبعادها.

فمن خلال قراءة عالم النفس سيجموند فرويد للروائع الأدبية مثل "الملك أوديب " لسوفوكليس، و "هاملت" لويليام شكسبير، و" الأخوة كارامازوف" لديستوفيكسي، توصل إلى صياغة مصطلحات التحليل النفسي الشهيرة مثل "الأدوبية " نسبة إلى أوديب و "النرجسية" نسبة لأسطورة زهرة النرجس او النركسوس و"السادية "نسبة الى الماركيز دو ساد.

وفي هذه الرواية نتعرف على حكاية " ياسمينة " الطفلة ذات الثلاثة عشر عاما، والتي تعيش مع أمِّها و أبيها في مكان يدعى "الفقرة" بالمغرب، حيث الفقر المدقع والجوع وانعدام الأمان. تتعرض للتحرش في المدينة التي اصطحبتها إليها أمُّها، ويعتدي عليها الأب ويغتصبها ، ثم يأخذها من يدها ويسلِّمها لشخص آخر يخبرها أنه زوجها "جاد".

يصحبها زوجها إلى باريس، تتعرض للضرب منه ، ويحاول إجبارها على إدمان الكحول، والسهر مع أصدقاء يجلبهم كل مساء إلى الشقة، فتهرب إلى المدينة الساحلية "دوفيل"،تبيت في الشوارع، و وتأكل من حاويات القمامة لتسد جوعها، ما جعل الجروح تتراكم داخلها وتختل موازين الحياة أمامها، وتُغتال رغبتها في أي شيء سوى في الظلام الدامس ، تحولت إلى امرأة مريضة نفسيّا، تلوذ بهلاوسها وبخيالاتها، تحاول الفرار من واقع حياتها إلى الخيال، متوهمة أحداثا وأشخاصا لتهوّن عليها قسوة الحياة ومآسيها.

وبعد أن وصلت إلى حافة اليأس وتدمر آخر ما بها، تتعرف على "سيف" الذي ينتشلها من بؤس حياتها فيتزوجها، ويصحبها إلى الكويت، فتقع في غرام شقيقه "فيصل" المتزوج، الذي مثَّل لها خلاصة الذكورة والأمان.

" ظننته فيصل ", رواية من روايات " تيار الوعي" ، استطاعة الكاتبة بلغة ادبية بسيطة ومركزة ، أن تسبك ضفيرة من الحكايات، من خلال رصد أدقَّ ما يدور في عقول شخصيَّاتها، خصوصا شخصية " ياسمينة " ، فقد نقلت كل فكرة دارت في رأسها، وكل شكَّةٍ وخزتْ ضميرها، وكل صورة رسمتها مخيلتها، نقلت إلينا مشاعر المرأة العاشقة الخائنة، والإنسانة الكسيرة.

رواية يختلط فيها الواقع بالوهم، ويفقد العقل القدرة على استيعاب الصدمات تلو الصدمات، بمتابعة القراءة، تفاجىء بأن ما قرأته ليس الرواية، وأن ما سردته علينا ليس الحكاية، والحكاية الصادقة مختلفة تماما عما يبدو لنا.

في الثلث الأخير من الرواية نجد أنفسنا أمام امرأة تشك في كل شيء، تتوهم حدوث أشياء لم ولن تحدث في الواقع، تتخيل أنها تتعامل مع أشخاص غير موجودين بالمرة في الحقيقة، إذ هي لا تميز بين الحقيقي والخيال، تسكنها الهلاوس والخيالات

حينها نكتشف أن " ياسمينة " مصابة "بمتلازمة جوسكا " ، وهي حالة نفسية تتمثل في :

- الحديث مع النفس أو إجراء حوار داخلي، سواء كان ذلك بصوت عالٍ ومسموع للآخرين أو بشكل صامت داخل العقل .

- وتوقف الفرد عن الحديث مع الآخرين.

- عدم القدرة على الاندماج في الجو الأسري.

- كراهية المناسبات والتجمعات الاجتماعية،التوهم بالحديث مع أفراد غير موجودين في الواقع.

- تطور الحديث مع النفس إلى صور عنيفة.

" لا شيء حقيقيا! إذ كنت أتوهم ما جرى، أخذت أبكي بكاء جنونيّا، وأمي ممسكة بيدي وتشاركني البكاء".

" رغم معرفتي التامة بحالتي المرضية ومتلازمة جوسكا التي أعاني منها، وأن فيصل ما هو إلا رجل قررت أن أوجده في حياتي، لقد أحببت فيصل، فهو عالمي الخاص الذي أبحث عنه، بل أوجده في خيالي متى شعرت بالحاجة إليه، ولن أتخلى عنه، إنه حديثي مع ذاتي الذي يخلق في حياتي الراحة والطمأنينة والأمان" .

" أصبحت أقرب من حافة الموت النفسي، فأنا أعي تماما أني لست امرأة طبيعية كباقي النساء، وهذا ما أرادت أمي توضيحه لي، علّها بذلك تساعدني، لكنها فتحت شهيتي أكثر للعزلة والبقاء بالقرب من فيصل، تلك الشخصية التي خلقتها بذهني، علها تساندني وتؤمن بي وتصدق وجودي ".

ملاحظات:

- تحكي ياسمينة عن حادثة اغتصاب أبوها لها : ثم وقع بصري على ثوبي الذي شق وكشف عن ساقى فرأيت دماء قد لطختها، ولاحقا ذكرت عند زواجها من جاد : أفقت بعدها لأرى ذلك الثوب وقد لطخته بعض الدماء ،( كيف وقد سبق فض بكارتها عند اغتصابها من قبل أبوها).

- كثرة استخدام الفعل :كنت ، كانت في بداية المقاطع .

- عدم منطقية بعض الأحداث ، وعدم تزامنها، قد يعود لتداخل الحقيقي مع التخيلات والأوهام

وختاما:

- إنها رواية مؤلمة، وسردية حزينة ، رواية قاسية وممتعة، تُحدث جراحا في نفس قارئها ووهنا في روحه ، ينمو ويتكاثر مع تقليب صفحاتها ومرور أحداثها.

- رواية تسلط الضوء على قضايا إنسانية مؤثرة، تتناول رحلة التشافي من جروح الزمن، ومن الخذلان والغدر الذي قد يأتي من أقرب الناس لنا، رحلة تشافي تعبر عن الألم النفسي والعاطفي الذي نخفيه في أعماقنا.

- رواية ليست مجرد دفاع عن المرأة بقدر ما هى دعوة للتفكير والتأمل فى أدوارنا كأفراد فى مواجهة هذه القضايا، هى صرخة صامتة لكل من يحتاج إلى أن يُسمع صوته وسط ضجيج المجتمع.

#د_ماجد_رمضان

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق