تأخذنا رواية "مقام سيدي القطقوطي" لمي حمزة إلى عالم الكرامات وفك العقد والجماهير المغيبة التي تصنع الأسطورة وتعيش بالوهم وتصنع الولي أو المدعي ثم تنتقل الولاية في العائلة. هناك.. حيث الكذب يصير علمًا يورث والسؤال مفتاح للشر لأن الطاعة أولى.
نعيش مع سلالة القطقوطي وأجيالها المختلفة الممتدة عبر الزمن. كرم هو الراوي لكنه كالراوي العليم. نسرح معه في عالم المقامات والموالد والأوراد والأعمال. نشهد الكذب والخداع والسحر والقتل في حارة القطقوطي التي سُميت على اسم جده الأكبر صاحب المقام، فمنذ بلوغ كرم السادسة وهو يسرح بروحه في القطط بما يؤهله لدخول البيوت ومعرفة أسرارها. هنا، في الحارة، الجميع تقريبًا يرحب بالقطط التي لها علاقة ما بسيدهم الشيخ سيد القطقوطي.
يقول العامة: "شيء لله يا قطقوطي". والخاصة لا يختلفون كثيرًا. لمحة تاريخية عن الملكة نازلي واهتمامها بالغيبيات ذكرتني بامرأة قيصر روسيا ذات الاهتمام نفسه وعلاقتها بالراهب الشهير جريجوري راسبوتين. الاهتمام بعالم الماورائيات كان شائعًا في دوائر الحكم والطبقة العليا، ويُنظر إليه أحيانًا كمظهر من مظاهر الترف أو محاولة لفهم المجهول في فترات القلق السياسي أو الشخصي.
الفصول الأولى من رواية القطقوطي خاطفة، لكن السرد ذو الوتيرة الواحدة قد يزعج في المنتصف مع كثرة الاسترجاع في الحكي أو الفلاش باك، فإن وصلت للنهاية عشت خلاص كرم الشخصي وخلاص الحارة بعد انكشاف أمره أو هكذا تصور. لكن الحارة وهي تودع أسطورتها القديمة، تصنع أخرى جديدة وكأن الخرافة لا تموت بل تلبس ثوبًا آخر لتقتات على العقول. أما كرم فربما يُحبس في جسد القط إلى الأبد.
❞ حين يسود ظلام الجهل، لا يجب على العاقل تضييع الوقت في اللوم على الجاهلين. ❝