#مسابقات_مكتبة_وهبان.

في أيّ شيء مقروء تلعب البداية دوراً هاماً في جذب القارئ لمحتوي الكتاب واستحضار تركيزه وشغفه لتكملة القراءة أو أنَّه سيزهد فيما يقرأ لأنّه ملَّ منه أو ينتمي لألوانه غير المُفضله في القراءة.

في كُل بدايات سلسلة عن العشق والسفر أجد الكاتبة تُدرك أهمية البداية وتستخدمها بطريقة ناعمه جداً ومُثلي لاستدراج القارئ للمُحتوي، بعد فترة قليلة جداً سيجد نفسه مُتخطياً عدد لا بأس به من الصفحات والفصول عن استمتاع حقيقي.

مع مرور الزمن يُصبح الحاضر ماضياً وتتحول الأحداث الجارية والتفاعلات الحاصله إلي ذكريات نحتفظ بها علي حوائط أعمارنا التي نسير بها في دواخلنا.

لا تقتصر الذكريٰ علي الأمور الجيدة فقط، فـ الإنسان نفسه يأتي عليه وقت تتوقف حياته فيه ويصبح مدار حياته محدود بنطاق مُعيّن بفعل العُمر أو دوران عجلة الزمان، حينها لا يجد المرء من مُعينٍ علي ما تبقي من أيامه ولا مُسليّاً لأوقاته غير استحضار الذكريٰ والاستئناس بها.

تُنقل المرويات عادةً كإرث تاريخي يحمل في تفاصيله حكايات شعبية وأوضاع اجتماعية وظروف نشأة متغيره لمجتمع حديث، يهتم الكاتب - عادةً - بتوضيح كُل تلك الأمور بشكل ظاهر ومُباشر لإيضاح الأمر للقارئ، لكن ما يُميز كتابة نهي بشكل عام وهذه السلسة بشكل خاص هو القالب الدرامي والبُعد الإنساني الذي تُغلف به المعلومة، ذاك الفعل الذي يُعطي للقارئ لقب شريك طريق وليس مُستعرضاً الحكاية أو ناظراً لها من بعيد.

تجربة اليابان في العودة من أتون السقوط إلي القيام السريع والنهوض العام والتخصص في مجالات بعينها خاصةً التكنولوجي منها وهو من أهم أدوات العصر الحالي، هي تجربة مُلهمة تستحق التأمل والنظر في ظروفها وأحوال نهضتها والتأمُل في ذاك الداخل المُجتمعي بعين الناظر لسماته وكيف هي أحوال أفراده وهل ذلك النظام المعمول به هناك هو حالة استثنائية مُرتبطة بتقديسهم للعمل ومعرفتهم لأهمية الوقت، أم هو طابع عام يُعتبر من أُسس الدولة وركيزتها وينخرط الالتزام في كافة مناحي الحياة هُناك حتي لو خرجنا عن الإطار العملي؟!.

تزامنت قرائتي للكتاب مع ظهور بعض مقاطع من رياضة السومو علي صفحة مشاهداتي علي فيسبوك وحيث أنني لا أعلم الكثير عن تلك الرياضة فقد وجدت في الكتاب شرحاً وفيّاً لقواعد تلك الرياضة وتفاصيل عنها.

العجيب في التفاصيل هو مهرجان ال ناكي سومو والذي يحضرون فيه الأطفال ويحرضونهم علي البكاء فيفوز الطفل البكاء الأول أو من تكون صرخته أعلي لأن في الموروث الشعبي الياباني البُكاء يطرد الشياطين ويُبارك في الصحة ويحفظ الطفل.

لم يكن ذلك حدثاً عرضياً أو موروث خاص بمنطقة مُعينة أو بقرية بعينها، ولكنه أمر مُنتشر في أرجاء اليابان كعادة يُمارسها الجميع ويحرص علي فعلها.

أكثر الأشياء بهجة وفرحة تُخفي وراءها قصص حزينة جداً.

تليق تلك الجُملة بافتتاحية إحدي القصص المُلهمة التي ذُكرت في الكتاب، فقد كانت القصة لـ شينتارو تسوجي مؤسس شركة سانريو " شركة عامة في اليابان " والذي دخل عالم رجال الأعمال وأراد من خلاله التركيز بصدق علي تكوين وتعزيز الصداقات.

كانت طفولة شينتارو حزينة جداً، فبالرغم من عمره الطويل ومسيرتة المهنية الناجحة إلا أنه لم ينس نشأته كصبي وحيد ويتم لذا أنشأ شخصية القطة kitty وبدأ في إلصاقها علي منتجات الشركة وتوزيعها هدايا علي الأطفال.

كانت تلك البداية قبل أن تنتشر شخصية kitty وجُملتها الترحيبية في كُل أرجاء العالم وتنتشر معها أُمنية شينتارو التي قالها يوماً " السعادة الحقيقية تأتي من خلال الصداقة، من المهم بالطبع أن تتمتع بصحة جيدة، ومن الجيد أن تكون ثرياً، ولكن من أجل السعادة الحقيقية تحتاج إلي أن يكون لديك صديق جيد ".

كتاب جميل ومُمتع استمتعت بقراءتة علي أيام وفترات لأنه برأيي يُمكن تجزأته للاستمتاع بتفاصيله لوقتٍ أطول، ولأن الرحلة لا تُقرأ علي عَجَل حيث ينبغي للذكريٰ أن تأخذ حقها الوافي من التأمُّل والنظر.

#كتاب_الشهر_في_مكتبة_وهبان. #مسابقة_ريفيوهات_عن_العشق_والسفر_٤.