دلشاد : سيرة الجوع والشبع > مراجعات رواية دلشاد : سيرة الجوع والشبع > مراجعة ماجدولين مهنا

دلشاد : سيرة الجوع والشبع - بشرى خلفان
تحميل الكتاب

دلشاد : سيرة الجوع والشبع

تأليف (تأليف) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

اسم الرواية/دِلشاد (سيرة الجوع والشبع)

الكاتبة/ بُشرى خلفان(سلطنة عُمان).

عدد الصفحات/478 صفحة.

دار النشر/ منشورات تكوين.

دِلشاد، الرواية الحائزة على القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية، وهي من وحي خيال الكاتبة، وهي تجربة إنسانية عميقة تُلامس قضايا الفقد، الصمود، والبحث عن بصيص أمل في ظروف قاسية.إنها دعوة للتفكير في الأبعاد الإنسانية العميقة للجوع والعطش، وكيف يتجاوز تأثيرهما مجرد الحاجات الفسيولوجية ليطال الروح والكرامة. على الرغم من أن الرواية لا تدور أحداثها في غزة، إلا أن ثيماتها المركزية حول الجوع، العطش، النزوح، والحرمان تجد صدىً مؤلماً ومباشراً في الواقع الذي نعيشه في غزة اليوم.

في "دلشاد"، لا يمثل الجوع والعطش مجرد تفاصيل هامشية في حياة الشخصيات، بل هما عنصران أساسيان يُشكّلان حياتهم وقراراتهم ومستقبلهم. يمكننا أن نرى كيف يصبح البحث عن لقمة العيش أو قطرة ماء دافعًا محوريًا يدفع الشخصيات إلى أقصى درجات اليأس، أو على النقيض، إلى تجلي أسمى صور التضحية والصمود.

هذا يتردد صداه بقوة في غزة، حيث تحول الجوع والعطش إلى واقع يومي قاسٍ، يطغى على كل جوانب الحياة. الرواية تُسلط الضوء على:

تجريد الانسان: بينت بُشرى كيف لحرمان أبطال روايتها من الجوع والعطش والفقر المدقع أن يجرد والد مريم من كرامته ويدفعه للتفكير بارسال ابنته إلى بيت لوماه البيت الذي لم يعرف أحداً ما يحصل في داخله، إلا أنه قرر أن يرسلها هناك لانه لا يستطيع اطعامها وخاصة بعدما اصابه عمى بعينه.

هذا ما نجده واضحاً وصريحاً في ما يحدث للانسان الغزي بأنه تجرد من كرامته للبقاء على قيد الحياة، وهو ما يتجلى في الطوابير الطويلة على المساعدات الشحيحة، او البحث عن الطعام او الشراب أو انتظار عربة التي تحمل تكية الطعام.

هشاشة الحياة، الرواية تبرز كيف يمكن أن تكون الحياة هشة وضعيفة في مواجهة نقص الموارد الأساسية، وبدأ التأقلم على القليل الذي يسد الجوع، وهو ما تعيشه غزة بكل مرارة مع تدهور البنى التحتية ونقص الإمدادات.

تغيير الأولويات: عندما يصبح الجوع والعطش هما الهاجس الأكبر، تتغير الأولويات وتتلاشى الأحلام والطموحات الأبعد، ليحل محلها البحث عن أدنى مستويات البقاء مثلما حدث مع مريم عندما مات زوجها وخسر كل ماله، خرجت لتعتمد على نفسها بما أخذته من هدايا زوجها مدعية أمام الناس ، انها مثلهم فقيرة

هذا ما نراه في غزة، حيث يصبح همّ اليوم هو إيجاد الطعام والماء للأطفال

التكافل والصراع: عندما تحل المصائب نجد هذين النقيضين متلازمان، فالنقص يؤدي إلى صراع قائم وبحث عن الذات مثلما حدث مع مريم عندما مات زوجها، شقيقة زوجها عاملتها بازدراء تام وطردتها وهددتها بأنها ستأخذ ابنتها منها، ولكنه قد يولد أيضاً صوراً من التكافل والتعاون حيث يتقاسم الناس ما لديم رغم قلته، فهاتين الصفتين ما شهدناه مراراً وتكراراً في غزة.

تُعمّق "دلشاد" في تأثير الحرمان ليس فقط على الجسد، بل على الروح والنفس. كيف يؤثر الجوع المستمر والعطش الدائم على العلاقات الإنسانية؟ كيف يُغيران نظرة الإنسان للحياة والمستقبل؟ هذه الأسئلة تُطرح بقوة في الرواية وتُجيب عليها شخصيات الرواية بمرارة وصمود.

في غزة، حيث لا يقتصر تأثير الجوع والعطش على الأجساد النحيلة التي نخرها الجوع، بل يماد إلى الأرواح المنهكة، مخلفاً أثاراًنفسية عميقة قد تدوم لسنوات.

على الرغم من قسوة الظروف التي تُصورها الرواية، إلا أنها لا تخلو من بصيص أمل أو قوة داخلية تدفع الشخصيات للمضي قدمًا مثل دلشاد والد مريم، دفعه قهره لعدم استرجاع ابنته إلى الهىوب من واقعه إلى الهند حيث عمل وربح وأصبح انساناً آخر، وكذلك ابنته مريم التي استغلت المجوهرات التي تركها لها زوجها وعملت لنفسها تجارة تربح منها وكذلك ابنتها فريدة التي أصبحت ماعلمة تقرأ وتكتب ان تعلم الكثير من الاولاد بعدما كانت الكتابة تمثل عيباً في قريتها للبنات أن يتعلمنها. هذا الأمل، وإن كان خافتًا، هو ما يُبقي جذوة الحياة مشتعلة. في غزة، رغم كل الظروف، يظل الأمل في انتهاء الحصار، وعودة الحياة الطبيعية، وإعادة بناء ما دُمّر، هو الدافع للصمود.

دلشاد، مرآة لغزة:

عندما ظهرت هذه الرواية أمامي على موقع أبجد، الاسم أوجعني وقررت أن أقرأ حتى أعرف هل الجوع الذي نعيشه عاشه أحد من قبلنا، أم نحن استثناء. دلشاد ليست رواية عن غزة بالمعنى الحرفي، ولكنها تُقدم مرآة تُعكس فيها جوانب مؤلمة من الواقع الذي يعيشه أهل غزة. قراءة هذه الرواية في ظل الظروف الراهنة يمكن أن تكون تجربة مؤلمة ومضيئة في آن واحد؛ مؤلمة لأنها تُذكّر بمعاناة لا تزال مستمرة، ومضيئة لأنها تُعمّق فهمنا لتأثير الحرمان على الإنسان، وتُبرز صموده في وجه أقسى الظروف.

في النهاية، أشعر أني كرهت الكتابة لتركها للاحداث لجزء آخر وهو الشبع، أنتظره بكل شوق.

الاقتباسات التي عبرت عن حال الكثيرين في غزة:

كنا نأكل عندما نجد ما نأكله كي لا يقتلنا الجوع، أما الطعوم والروائح واللذة فلم نكن نعرفها أبداً.

يقولوا الخير في بطن الشر ونحن تجار، وفي كل الأحوال بنعرف كيف نستفيد.

فالغرباء بحاجة إلى مد جذورهم في الأرض الجديدة التي يطؤونها، وأن يجدوا لهم مكانًا بين الناس بالمعروف.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق