"وهو خلافًا للشوارع التي تمر بها حمارته حتى تغادر إلى أرضه لا يمر لشوارع أخرى، لم يذهب منذ سنوات إلى جنازة أو فرح، حتى في أمسيات الشيخ ياسين التهامي كان يصعد إلى العقدة، يجلس على حزمة برسيم ومكبرات الصوت تتكفل بإيصال التهامي إليه." - عين القط للعزيز حسن عبد الموجود 🇪🇬
إذا كان الكاتب حقًا يتخفّى خلف كتاباته، فلابد أن حسن عبد الموجود هو أحد أكثر الناس عفويّة، ولا يتطلب الأمر معرفته شخصيًا كي يستنبط مثل هذا الاستنتاج حين التعاطي مع مؤلّفاته. لا تشذ هذه الرواية القصيرة عن القاعدة، فنحن أمام نص متجرد من كل زُخرف، لا يورد سوى التجربة منزوعة من أي فلسفة أو أدلجة، رغم فانتازيا القط المعبرة عن الخروج من الحسد كمرادف ميتافيزيقي للهروب أو التمرّد على طغيان الواقع.
فازت هذه الرواية بجائزة ساويرس لعام ٢٠٠٥، ورغم أن "شهادتي في حسن مجروحة" بحكم معزتي الكبيرة له، إلا أني أرى العمل جديرًا بالتقدير وبالجوائز، إذ لدى المؤلف قدرة مدهشة على مفاجأة القارئ دون تكلّف ودون الحاجة إلى الأدوات البهلوانية التي صار استخدامها واسع الانتشار بين شباب الأدباء بحثًا عن الاختلاف.
لا يواري عبد الموجود حس الدعابة الحاضر لديه (ولا ينخدع باعتبار ذلك بعيدًا عن الجد) حتى في أحلك منعرجات السّرد، وهو ما يعزز من تلقائية ما يكتب ومن تقبل المتلقي له، فالظرف الإنساني معجون بتناقضات البشر وتباين مشاعرهم في ذات اللحظة إزاء تبدل الحظوظ وتغير الأحوال. قراءة هادئة، ممتعة.
#Camel_bookreviews