"كنت وكأنني أمثل دورًا مكتوبًا لي وليست عندي القدرة لتغييره."
في أقل من سبعين صفحة، يأخذنا "محمد عبدالجواد" إلى حكاية تتنمي إلى النوادر الشعبية، حكاية قد تسمعها في أي ميكروباص من سائقه، أو في أي قهوة من نادلها، أو في أي حارة من قاطنها، حكاية تمتد وتتسع رغم ضيق حيزها الجغرافي، وقلة شخصياتها، ولكنها مكتوبة بألفة شديدة، خصوصاً لقاطني المناطق الشعبية وما يندرج تحتها من حارات وأزقة وعشش وعشوائيات وإلخ، ومنذ البداية، نفهم أن هذه الحكاية تدور حول الصداقة، كما يُشير عنوانها، بين أحمد علي وعلي علي، فتلك الصداقة المتينة التي خلقتها الأقدار، حتى في اسمهما فللوهلة الأولى تشعر بأنهم أخوة، ومع تتابع الأحداث نكتشف أن علاقتهم لا تكتفي بتشابه اسم الأب فقط، ولكن بتشابهات عديدة، وارتباطات عديدة، مهدت لعلاقة صداقة من أغرب وأعجب وأمتن ما يكون، فكما نعلم كلما كان التضاد قوياً يزداد التجاذب.
خلفيات الشخصتين مرسومة بعناية، منذ الماضي البعيد إلى الماضي القريب إلى الحاضر، تنقلات وأحداث وأفكار تنقلك إلى جو الأحداث لتعيشه، وتقربك من الشخصيات لتتفهم دوافعها، وتتفاجئ لقرارتهم العجيبة، وفي هذه الرواية قامت أحد الشخصيات بقرار مجنون وعبثي لم أراه على الإطلاق، ولكن بمجرد حدوثه، تقبلته كأنه أكثر الأشياء منطقية وعادية، وذلك بسبب البناء الدرامي الذي أخذ يعلو ويعلو حتى النهاية، لتكتمل المأساة المُسماة حكاية، وحينها فقط نتأمل الصداقة كما رواها علي علي.
نوفيلا جميلة ومشجعة للقراءة للكاتب "محمد عبدالجواد" مرة أخرى.