قارئة نهج الدباغين > مراجعات رواية قارئة نهج الدباغين > مراجعة Ayman Gomaa

قارئة نهج الدباغين - سفيان رجب
تحميل الكتاب

قارئة نهج الدباغين

تأليف (تأليف) 3.6
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

"أمشي وسط أشباح مُعادين لي، نسجَتْهم مخيّلتي المريضة، وحوَّلَتْهم أشخاصًا واقعيّين."

- فيرناندوا بيسوا

هل فكرت يومًا كيف سنعيش بلا ظل؟ هل ظلالنا لها أسرار قد تُخفيها عنَّا؟ ولماذا تأخذ حظها من اللغة في كلمة واحدة من حرفين؟ هذه الأسئلة التي نطرحها حول كيان تكون من ظاهرة ضوئية، قد تؤلمنا حين نعرف أنها مطروحة في هذه الرواية ولكن حول كيان بشري حقيقي، ذات فعلية تدفن نفسها بإرادتها - وأحيانًا بطرق أخرى غير الإرادة - لتعطي أغلى ما قد يملكه المرء لغيره؛ فكره وروحه الكتابية.

إن فكرة كاتب الظل في هذه الرواية تجعلنا نتساءل حول هذه المشاعر الدقيقة لشخص يكتب ويفكر ويعصر عقله ليعطي نتاج كل هذا إلى اسم آخر قد يحتمل عبء هذه الكلمات التي لا يستطيع كاتب الظل أن يتحملها.

في نهج الدباغين تجد الأشباح تتراقص والأشخاص كعرائس الماريونت يحركها شبح آخر، لكل زنقة حكاية ولكل خُن صغير قصة وهكذا تبدأ الحكاية في نهج الدباغين؛ المكان الذي يعادله في مصر سور الأزبكية أو في العراق شارع المتنبي؛ المكان الذي تلجأ إليه للبحث عن الكتب التي لا يبحث عنها أحد، حيث الكتب التي عفا عليها الزمن والكتب القيمة والكنوز المخبأة وسط الأتربة التي لا يعرف قيمتها إلا القليلون وهذا ما جعل هذا العمل من الممكن إسقاطه بسهولة ومعايشته من قِبل أي قارئ في دولته ولا يهم إن كنت في تونس أم سيراليون، فسوف تجد شبحك قد مرَّ على هذا المكان من قبل.

الفكرة العامة للرواية عن رابطة الكتاب الاشباح التي أنشئها النّوري النّمس لتكون واجهة لكل الأعمال الجريئة الشاذة فى مواضيعها و التي قد لا يتقبلها القارئ العربي من كاتب عربي فلجأ الى هذه الحيلة حيث الكُتاب الوهمين الذين تم نسجهم من خلال الكُتاب الأشباح و تشاركه فيها ليلي قارئة نهج الدباغين كما أطلق عليها بسبب عيونها الفذة فى تحليل العمل أفضل من اى مدقق و محرر لغوي، و لكن الرواية أعمق من هذا عندما تتوغل فى عالمها و بعض مواضيعها شائكة جدلية خاصةً عند الكلام عن الهوية الجندرية أو العابرين جنسيًا كما أطُلق عليهم فى الرواية و التوغل فى ما يعانوه من المجتمع فى عدم تقبلهم حتي و إن أباح الدين في بعض الحالات عملية التحول فإن المجتمع بأفكاره قد لا يتقبل هذا و هنا أجاد الكاتب تصوير المجتمع لما يعانوه الأشخاص الذين يعانون من هذا، و أيضًا تطرق الكاتب الي الانظمة فلم تخلو الرواية من بعض الإسقاطات عن الدولة القمعية و ما تسببه من كبت الحريات.

من حيث الشخصيات فقد تم رسمها بعناية حتي الشخصيات الثانوية و أجاد الكاتب التوازن فى السرد بين ماضي الشخصيات و حاضرها بدون أن يتسبب فى تشتت القارئ خاصةً أن الشخصيات عديدة و أحداثهم تتداخل كلما انغمست أكثر فى العمل.

السرد كان أفضل ما يكون فالكاتب طريقته سلسة مشوقة يشوقك دائمًا للمزيد لمعرفة ما سوف تؤول إليه الأحداث لكن بعض المواضيع كان لا بد أن تأخذ وقتها فى السرد مثل عرض أزياء الكتب الذي أنتهي سريًعا على عكس ما كانت تنبأ به الأحداث، و عند نقطة دمج الواقع بالخيال فلا شيء يقال فالكاتب أبدع فى النهاية أن يربط الخطوط ببعض و يفاجئني بالنهاية المرسومة بعناية فائقة و بسبب هذا عندما أنتهيت وجدت ان الغلاف سيء لأن الغلاف يوحي برواية إكليشية هزيلة مقارنة بالنص.

رواية جدلية بلا شك و لم أعجب بالتصوير النمطي لنا بالخارجين من الكهف على عكس الغرب المتفتح الذي أشبعنا حريات فالصورة الأن أصبحت واضحة و هم ليس مثال للحريات بل هم غارقين فى الكهف أكثر منا عندما يتعلق الامر بالحريات التي لا تكون على مزاجهم.

عمل يستحق القراءة لمواضيعها التي لا يتم التطرق إليها كثيرًا.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق