تفاحة أيوب > مراجعات رواية تفاحة أيوب > مراجعة fatma karam

تفاحة أيوب - كاردينيا الغوازي
تحميل الكتاب

تفاحة أيوب

تأليف (تأليف) 4.9
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
5

تنويه: المراجعة فيها كشف للأحداث

#رواية #تفاحة_أيوب للكاتبة #كاردينيا_الغوازي

صدر عن دار #إبداع_للترجمة_والنشر_والتوزيع

متاحة على #أبجد

يثير انتباهي التحولات الفكرية عند الناس وعندي شخصيًّا، هذه التغيرات التي تحدث بتقدم العمر ، أو بأحداث مزلزلة، في حياة كلٍّ منا حدث مزلزل، أو أكثر نزع عنه الأمان وفي بعض الأحيان الغـ ـرور ، ومنحه رؤية مختلفة ربما تكون واضحة جلية، أو ملبدة بالغيوم.

وفي حالة أيوب كان الحدث ليس مزلزلًا فحسب بل اقتلع أساسات عالمه؛ لكنه لم يندم، أو يشعر بالذنب بقدر ما شعر بالغضـ ـب من إرادة الخالق.

فكان يسأل لماذا وهو المـ ـاجن لم يطلْــــه العقاب إلا لمامًا بينما زوجته، وطفلته الطاهرتان أكلتهما النيـ ـران دون ذنب أو جريرة.

ماذا يفعل وهو يجد ما حدث ليس عادلًا؟!

فليصنع جحـ ـيمه الخاص، دون ندم حقيقي، أو رغبة في التطهر بل سيطيل معاناته من أجل زوجته الراحلة وطفلته فقط.

كان غاضـ ـبًا من الخالق فهو لم يعرفه قط!

كانت معرفته بالله تقتصر على بعض اللوم، والتحـ ـذير من جدته الطيبة بضرورة أكل الحلال اجتنابًا لغضب الله، كان يحبها لكنه لم يقتنع أن ما هم فيه من مال وسلطة وجاه شيء لا يستحقونه كآل العريم وأن خالقهم لا يرضى عن ذلك فكانت نصائحها بالنسبة له تمر مرور ًا سريعًا مثل الإرشادات المكتوبة خلف كل دفتر مدرسي.

متى رأى هذا العقاب الذي أنذرته به جدته؟

في حـ ـريق أكل صغيرته وزوجته

حينها أدرك أن هناك عـ ـقابًا حقيقيًّا

نبي الله موسى -عليه السلام- وهو من أولي العزم تعجب من أفعال الخضر التي جسدت أقدارنا التي لا نفقه حكمتهاقال: " قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئًا إمرًا” وهذا سيدنا موسى من أولي العزم وكليم الله، ما بالنا بإنسان رباه أبوه على استساغة الحـ ـرام والمـ ـجون؟!

الفقد من أكبر الفـ ـتن، يتحمله المؤمن بمشقة بالغة؛ لذلك ربنا بَشَّر من يصبر عند الصدمة الأولى وهذا وحده يوصف هـ ـول الموقف على الإنسان عندما يفقد طفله وثمرة فؤاده،

الموت عمومًا يشعرنا بعدم جدوى أي شيء، بالضعف والتضاؤل أمام قدرة الخالق.

والإيمان يقوينا للصمود بشكل فعلي وبدونه نحن في معضلة حقيقية فأين سنذهب بهذا الألم؟

القلب فارغٌ يملأه السخط، والاعتراض ومع إنسان مثل أيوب كان السخط يصاحبه التحدي، وكأنه يخاطب القدر -أستغفر الله- أنا سأصنع العقاب الأمثل لكن لمن يستحق

وقد فعل كما تصور

صنع من قصر الخاتون -إرثه الحلال من جدته الطيبة- منفاه الاختياري يطل منه على المؤمنين بعدالة السماء باستخفاف وسخرية مما ينتظرهم ومن هشاشة إيمانهم المزعوم أمام رغباتهم أو فواجع الأقدار.

ماذا كان يريد من فتاة المكتبة (سارة) التي تشبه زوجته في وداعتها؟، هل كانت تعجبه؟، أم يعجبه أنه قادر على إيقاع سارة جديدة في حباله؟ سارة طيبة كالتي أُخذت منه عنوة؟

مرة جديدة لن ينجو معه الطيبين

مرة جديدة يعلن علوه فوق النور ، والجمال، والخصال الساذجة من وجهة نظره عندما سيوقعها في خطته بحماقتها.

لكن هناك من نزع منه فتاة المكتبة الطيبة ومزق له خطته الهزلية الجديدة التي يسلي بها نفسه في جحيمه الخاص، هناك من بادره النزال وكانت جهاد توأمتها، النملة الضئيلة -كما يدللونها- التي دلفت إلى عالمه وأغلقت خلفها وقالت: أرني ما لديك؟

ويجعل سره في أضعف خلقه.

جهاد التي حسبها مشوهة الروح ممتلئة بالندوب مثله، لم يحتَج إلى أقنعة كي يواجهها ولا لخطط كي يوقعها بل كان يعلن لها خططه بوضوح، كان يشعر بلذة في وجودها وكأنه يواجه نفسه، ربما هذه المرة الأولى بعد الحادث التي يشارك بها أي أحد أفكاره المظلمة حتى لو بهدف الإذلال والتحدي،

وكانت جهاد المترجمة تستمع إليه لتجد ثغرة تنجو منها وتعود إلى توأمتها، كما تترجم علته الغامضة في نفس الوقت، فالسيد المخـ ـيف كان يحتاج إلى مرآة، إلى ندٍّ لا يهابه، يواجهه بشجاعة ويكشف له عَوَر منطقه، منطقه الذي لا يرى في وجودنا على الأرض إلا عقابًا خالصًا على الغواية الأولى، لم يفكر أبدًا أنها فرصة واختبار وتكريم بأمانة الاختيار التي تميزنا بها على سائر المخلوقات.

جهاد صرخت به ذات يوم وأخبرته أنه لو أحب حتى نفسه لأدرك حقيقة رعاية الله لنا

لو سأل كل واحد منا نفسه ما هي المواقف التي تعرف فيها على حقيقة الله، سيجد العديد من المواقف الشخصية جدًّا، إننا نكلم الله ونسر إليه وننتظر برجاء لأنه منحنا الكثير وكان رحيمًا في البلاء والضعف وعفوًّا عند الذلل، تاريخ شخصي لكل منا مع خالقه.

لكن أيوب لم يمر قط بموقف ضعف يحتاج فيه إلى الله إلا هذا الموقف فكان البلاء لطـ ـمة أدارت رأسه ولم يفق منها.

عندما رأى هذا المعدم الذي يخشى ويهلع أن يأخذ ما يشوبه الحـ ـرام، أدرك أن هناك ما يجهله في هذه المعادلة، فالرغبة والحاجة لا تخضع هذا المعدم كما يخضعه خـ ـوفه من خالقه.

ماذا يعرف عن الخالق أو رأى منه وهو في هذه الفاقة كي يرمي حاجته ودنياه خلف ظهره طمعًا في رضاه وجنته.

حديثه مع الشيخ عبد المُعز الجعفري بعدها كان جميلًا والشيخ كان ذكيًّا ليتلقط حاجة أيوب ويسير معه الهوينة حتى يصل معه إلى البر الذي كان يحتاجه.

أحببت مخاطبة الشيخ لأيوب باللغة التي تناسبه بأن ذكر له هذه الأبيات لسيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- :

دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ

وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُرُ

أَتَزعُمُ أَنَّكَ جُرمٌ صَغير

وَفيكَ اِنطَوى العالَمُ الأَكبَرُ

لأن أيوب إنسان قوي يحتاج أن يعرف أننا رغم ضعفنا وافتقارنا إلى الله لكننا أقوياء به فلسنا مخلوقات متروكة لا قيمة لنا، بل ترك الله بنا أسرار الكون كله ليدلنا بها عليه.

لقد حذرنا من الشجرة لكنه لقننا التوبة عندما نسينا تحذيره، واستسلمنا لإغـ ـواء الفضول تجاه كل تفاحة وطالما كان رجوعنا إليه صادقًا يتقبلنا في كل مرة.

جهاد التي كان يراها أيوب تشبهه كانت تستفزه بانفعالها، ولسانها المندفع الذي يومض في عقله الأسئلة الكامنة والشيخ عبد المعز يتلقف حيرته ويمنحه أجوبة لم يفكر في وجودها،

وكأن الله أرسل له في خطة تحديه لقدره من يمد له يد العون والهداية

فحتى جهاد التي كانت تكرهه لكن حميتها تجاه من يحتاجها وما تربت عليه من أخلاق أصيلة جعلتها تضمه إلى قبيلتها وكوكبها الخيالي ليتذوق دفئًا لم يجربه من قبل

وأرته بالتجربة كيف كان حب التوأم وغرس العائلة فيهما كان حائط صد أمام كل ما مرا به معًا.

كانت علاقة فائزة تعرف بها أيوب على الطريق الصحيح بأصعب الطرق لكنه عرفه وعندما عرفه سخر كل دهاءه وذكاءه ليخرج هو وإخوته من براثن هذا الحـ ـرام.

أنا ركزت في مراجعتي على الحكاية الرئيسة، أيوب وماضيه وهواجسه الشخصية وعلاقته بالتوأم، لكني أعجبت جدًا باختيار الكاتبة الموفق للأسماء ودلالاتها المستمدة من قصص الأنبياء.

أيوب الذي ابتلي بفقد أهله وكانت الآية التي ترددها له جدته إئتناسًا بقصة أيوب عليه السلام كأنها يد رحيمة ترشده إلى طريق الخروج من حصـ ـار بلائه.

“وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين”

ظل يتذكر تلاوة جدته لهذه الآية وأعادها عليه الشيخ عبد المُعز الجعفري فكأن جدته دلته على الشيخ وعلى الله بدعائها وبترديد هذه الآية على سمعه، وقد كانت تنكر ما هم فيه من منكر بأقصى طاقة لديها، بلغته آية بصدق فبارك الله في نيتها وجعلها سبب من أسباب هدايته.

أما قابيل وغيرته من شقيقه الأكبر التي أوصلته إلى أكبر خطـ ـيئة وأعظمها على الإطلاق وكانت نهايته من جنـ ـس عمله

وهارون الذي آزر شقيقه أيوب وآزر عائلته جميعها

حتى آدم الذي أكل التفاحة المحـ ـرمة ليبدأبعدها رحلة الغفران

وجـهـ ـاد التي صنعت ما لم يتصوره أيوب نفسه من دعم وأعادته إلى إنسانيته، إلى إنسان يريد أن يكون مرغوبًا في نظر المحبوب فهو أب يبكي طفلته الراحلة للمرة الأولى ويستقبل طفله الجديد النعمة التي أحسن استقبالها بدموع أمل وولادة جديدة لقلبه.

الرواية شخصياتها شديدة التباين والتفاصيل المميزة لكل شخصية الجارمافون، والنمل الدءوب الذي لا يستسلم إلا ببلوغ هدفه، والوصف المكاني الذي يمنح كل ركن في الرواية روحًا متفردة تشبه أصحابه

في النهاية شكرًا للكاتبة العزيزة كاردينيا على الرواية الجميلة، والإحساس المتفرد الذي ينتابنا داخل عالمها، في رواياتها طمأنينة الأبيض والأسود وسحره، كل شيء في تسارع حولك لكنك مع كاردينيا على موعد مع فسحة من الزمن تنزعك من إرهاق السرعة، وتنقلك إلى عالم ملون ممتع رائع وبه الكثير من الحكمة

تحياتي

#فاطمة_كرم

#ريفيو

#مراجعة

#قراءة

#كتب

#روايات

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق