24 ساعة في حياة امرأة > مراجعات رواية 24 ساعة في حياة امرأة > مراجعة Bahaa Atwa

24 ساعة في حياة امرأة - ستيفان زفايج, داليا حازم
تحميل الكتاب

24 ساعة في حياة امرأة

تأليف (تأليف) (ترجمة) 3.9
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

هل يمكن أن تتذكر تفاصيل أربعة وعشرون ساعة بعد مرور اربعة وعشرون عاماً؟ هل تُحفر التفاصيل بهذه الدقة والعُمق في الذاكرة بالطريقة التي تمنحها هذا الثبات والعنف داخل تلافيف عقلك أم أن جريان ذاك الحدث قادر على استحضارها للطفو فوق مياة روحك الراكدة من طول ما انتظرت ان تبح ولم تجد من ينصت دون حُكم جائر عليك ..من يعي دون اقتحام .

كعادة نوڤيلات زفايج في كل مرة تصبح الرحلة أشد عمقا وعنفا في مدى صعوبة الحدث وتأثر الشخص بحساسية الحدث مرة وحساسية الشخص نفسه مرات عدة..كيف لحدث ربما يبدو عابر للبعض إلا أنه يحفز في ذاكرة كل شخص شيء ما ويحثه على التفاعل معه طبقا لذاكرته النفسية وتجاربه الخاصة ..كيف يصبح الأمر من وجهات نظر مختلف وهل لما الحق في أن نحكم علي غيرنا لمجرد وجودنا ساعة الحدث؟ أم ان علينا ان نصت لذاك الصوت الآمر بالصمت لأن لكل منا ما يخفيه..والايام دِوَل؟

يقول سقراط "تكلم حتى أراك" وهنا يأخد زفايج الاطروحة من فكرة ان يتكلم أحدهم بشيء من الرفق والعقل والبساطة -في حق إمرأة تهرب من فندق مع شاب فرنسي يافع ومرح ويستحوذ علي انظار الجميع -واللين ويُحَكِم روحه البشرية ويُعلي من قيمة أن يرفق الإنسان بالشخص العاصي لا يرجمه بحديثه ولا يتعالى عليه لمجرد أنه يري الصورة من الخارج فيطلق عليه رصاص احكامه جذافا دون تَثَبُت او تحقق.

وهنا يصبح وجود السيدة سي ذا طعم آخر حيث ترتاح هي لتلك العقلية.ترى فيها ملاذ آمن يمنحها الإنصات دون قلق ودون أن يحكم عليها إن باحت له بسر بات حبيسا في صدرها أربعة وعشرون سنة لم تبح به أو تُفشه على الإطلاق ..لكنها حين وجدت الفرصة والأذن الصاغية انفجرت وخففت ثقل روحها بفضفضة مريحة وشرح وافٍ ليوم من عمرها باحداثه حتى تظن وكأنها حدثت للتو من دقة وصفها لمشاعرها وصفات شريك الحدث بكل وضوح .

الصواب والخطأ ومدى صحته من وجهات نظر متعددة وكيف يمكن للانسان ان يضحي لكن لا يعرفه بوقته وماله فقط يرى فيه خيرا او يضع نفسه مكانه ..وهل يكفي هذا الشعور كي تلقي بنفسك طريق شخص بائس تعيس معرضا نفسك للخطر فقط لأنك تدرك لغة الأيدي ؟وهل للأيدي لغة؟ وهل للروح بصمات تظهر علي الاعضاء والجسد وتغير من لغتها وتجسد شفرة إذا إلتقطها أحدهم يمكن أن يحل لغز حيرتك ؟

يطرح زفايج عدة تساؤلات عن الخطيئة الانسانية ومدى صوابية الاحداث من وجهة نظر عاطفية ومن وجهة نظر مادية بحتة وخطورة ان يقع للانسان في مستنقع نفسه ..هل يمكن أن ينتشله احدهم ليجعله أفضل وهل اذا تطهر ظاهريا ودينيا يمكنه ان يتطهر ذهنيا أم ان الخصال السيئة تطفو على سطح الروح غارسة انيابها في اعماق نفسه فلا يمكن الفرار منها مهما أتت المساعدات الخارجية طالما أن الإصلاح غير نابع من الداخل ..وهل السلوك الانساني قابل للاصلاح بالزمن ام ان العزيمة علي فعل ما تتأجل فقط بالزمن لكنها لا تختفي علي الاطلاق؟

تتسم كتابات زفايج بعبقرية خاصة في وصف المشاعر الانسانية وتخبطها ومدي قيمة الصمت احيانا والاصغاء بدقة وسهولة وصفه للتفاصيل الدقيقة في تغير الملامح في المواقف المختلفة فربما يرى البعض انه يُسهب في وصف الأيدي هنا مثلا لفترة طويلة لكن لهذا غاية وذوق مختلف يجعل من لغة الجسد في زمننا هذا علم مختلف حين يصيغ بهذه الدقة كم الاحاسيس والاعتمالات النفسية بهذه السهولة في زمنه هو وفي هذا الحدث هو نوع من السبق الأدبي والفكري أيضا والمتعة المتحققة في كل كتاباته خصوصا وان اغلب اعماله البطل هو الرواي او بمعني أدق نفس البطل هي الراوي.

في كل مرة اقرأ لزفايج اتمني لو ان انتاجه كان أغزر من ذلك كي يتثنى لي المتعة أكثر في كل قراءة لكن نوڤيلاته جميعها قابلة لإعادة القراءة لانك في كل مرة سترى الاحداث من وجهة نظر مختلفة طبقا لرؤيتك وتغيرها بمرور الزمن ولأن اغلبها من وجهة نظر البطل ومن خلال صوت عقله تستمع دائما لنفسك ساعات ولهذا هناك دائما فرصة أما ان تصبح يوما ما انت مكان البطل او ترى نفسك فيه قبل ان تقرأ وفي كل مقام سترى الاحداث بشكل مختلف وتصبح للكلمات طعم مغاير .

Facebook Twitter Link .
3 يوافقون
1 تعليقات