صورة دوريان جراي > مراجعات رواية صورة دوريان جراي > مراجعة Shahed

صورة دوريان جراي - أوسكار وايلد, لويس عوض
تحميل الكتاب

صورة دوريان جراي

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
4

ذكر أوسكار وايلد مرّة في رسائله متحدثاً عن أبطال روايته (صورة دوريان غراي) كيف أنهم يشكّلون جزءاً منه:

"بازيل هالوورد هو كيف أرى نفسي، واللورد هنري هو كيف يروني الناس، و دوريان غراي هو كيف أتمنى أن أكون في مرحلة عمرية أخرى."

دوريان غراي.. وعشْق الجمال وعبادة المتعة وفساد الروح، إنها صراع الخير مع الشر، أو صراع الرغبة مع الأخلاق، أو صراع الخلود مع التفاني.

إنها من عبقريات أوسكار وايلد، بل من عبقريات الأدب في القرن التاسع عشر.

دوريان غراي الشاب الذي يمثّل الرغبة التي تقتحم النفس البشرية، -ولنربط ذلك مع شخصية أوسكار وايلد الحقيقية-، شاب يتصف بالجمال و النرجسية يتمنى أن يَخلُد شبابه و لا تؤثر عليه غوايات الزمن، فتتحقق أمنيته ويَخلُد شبابه، أمّا خطاياه فتتدنّس وتظهر من خلال بورتريه رسمه بازيل، الرسام الذي تاه بحُبِّ غراي و فُتِن به.

هذا ما جعل غراي يضيع بين طريقين.. الخير والشر، لأنّ خلود شبابه كان البطاقة الوحيدة التي يملكها لإسعافه حين غاص في نوازع نفسه البشرية ورغب في تحقيق ملذاته وشهواته.

إن تلك النزعات البشرية هي التي كانت تدعو إلى الشر ومن ثم تحاربه.. فتنتصر الرغبة على الأخلاق فتغوص النفس في الشر وهكذا تنتصر نفسه عليه.

في تلك الأثناء يظهر اللورد هنري وينفث سُمَّه المعسول إلى غراي الذي ينجذب لحِكَمه القاسية والخالية من أيِّ مشاعر تذكر.. وهنا يبدأ انحطاط غراي الأخلاقي شيئاً فشيئاً.. وتميل كفّة الشر في ميزانه دون أن يأبه لشيء، فهو امتلك أثمن شيئين في الحياة، الشباب والجمال، كما قال له اللورد هنري مرّة.

ثم يتحوّل الشر أو يتطور فيصبح غضباً جمَّاً، هذا الغضب ينصَبُّ على الشخص الذي سبب له هذا الضياع فيقتله بلحظة الغضب التي عصفتْ به، يتحول دوريان غراي إلى مجرم، يسوقه شروره إلى ذلك و تترك الجريمة أثرها في لوحته التي تسجّل كلّ ذنوبه، تترك بقعة دم حمراء على يده لتذكره دائماً بأنه قاتل وحشي، لقد كانت اللوحة مرآة لروحه.

يقرر أوسكار وايلد أن يضع حدّاً لمعاناة غراي في نهاية مأساوية يختارها، تماماً كما تشبه نهايته المأساوية التي لم يخترها هو.

إنْ كان بازيل قد وضع شيئاً من روحه في لوحته دوريان غراي، فأوسكار وايلد وضع كثيراً من روحه في روايته هذه، بل كان حاضراً فيها. وهذا الحضور قد كشف الكثير من روح أوسكار وايلد. إن حياة الفنان أهم جزئية في الفن، وحياة أوسكار وايلد كانت الجزئية الرئيسية لابداعه. لكنه انهار بسبب سلوكياته و نرجسيته كما انهار غراي.

كل ذلك الترابط بين الأبطال وبين حياة أوسكار وايلد يدفعنا للتفكير به، إنّ اوسكار وايلد كان شاباً وسيماً وحاذقاً، لكن نفسه التي دفعته لسلوكيات شاذة، و كانت جرماً في عصره، فشذوذه الجنسي هو الذي قاده نحو السجن وانهياره اجتماعياً وأدبياً. لكنْ في النهاية انتصر الخير على الشر، ومات غراي، ثم مات أوسكار وايلد منبوذاً وحيداً ومات فنُّه معه بسبب رغباته.. رغباته التي لم تعد جرماً اليوم.

Facebook Twitter Link .
0 يوافقون
اضف تعليق