أرى أن الجُزء الثاني من رواية الجريمة والعقاب أكثر عمقاً ووضوحاً من الجزء الأول؛ حيث بدأت معالم شخصية راسكولنيكوف واضحةً، ومن السهل فهم حركاته أو أفكاره التي حرص دوستويفسكي على توضيحها، مع أن السرد حافظ على الطول الزائد، وكثرة الكلام الذي يجعل القارئ يشعر بالملل بعد أن يكتشف قلة الحوار؛ إلا أنه نجح في توضيح أبعاد شخصية راسكولنيكوف، وكيفية تعامله مع الأحداث والتاثيرات الناتجة عن علاقته بأمه وأخته، ودور صديقه رازوماخين الذي ظلّ يُقدم له المساعدة والدعم.
إن إضافة دوستويفسكي لشخصية صونيا كان له تأثير واضح في حياة راسكولنيكوف، فساهمت في تشجيعه على اتخاذ الكثير من القرارات المهمة، ولعل من أهمها اعترافه بارتكاب جريمة القتل ومعرفة أخته بذلك ومن ثم رازوماخين، وهنا يظهر مدى التأثير الواضح لوجود صونيا، والتي أصبحت جزءاً من حياة راسكولنيكوف بالصدفة، وتحديداً بعد البداية المملة برأيي التي بدأت بها الرواية، ولكن بعد انتهائي من قراءتها أجزم أن هذه البداية المملة وكثرة السرد تدل على إبداع دوستويفسكي في الوصول إلى الجمع بين راسكولنيكوف وصونيا معاً في هذا التسلسل المهم والمؤثر في أحداث الرواية، وصولاً إلى اعتراف راسكولنيكوف لبتروفيتش بارتكابه جريمة القتل، وحرص صونيا ورازوماخين وأخته على الوقوف معه حتى نهاية الرواية.