" ولقد يخطئ فى إدراك حقيقة الاجتماع من يظن أن الروح السائدة على الجماعات دائماًهى الثورة ، والذي يوجب الشبهة فى ذلك إنما هو تعسفها وقسوتها ، والحقيقة أن انفجار بركان الثورة منها وصدور أعمال التخريب عنا نزعة عرضية تخمد سريعاً ، لأان خضوعها لفواعل الوراثة شديد بقوة تأثير الغرائز الفطرية ، فهى ميالة كل الميل إلى المحافظة على الحال التى هى ، ومتى تركت وشأنها ملت الفوضى وسارت بفطرتها ‘لى الاستكانة والاستعباد ، هكذا كان أشد القوم تهليلاً وترحيباً بالقائد بونابرت هم أشد الثورة تغطرساً ةتطرقاً لما ألجم جميع الريات وأثقل بيديه التى من حديد "
الكتاب يتعرض لأخطر القضايا التى يتعرض لها المجتمع وهى محاولة السيطرة على العقول ، وهى المحاولة التى تحاول فيها الجماعات التى تحمل مختلف الأفكار ، أن تفرض نفسها على باقى الأفكار ، ليس هذا فقط ، بل تحاول أن تجبر الأفراد على اعتناقها ، لكن إلى أن يحدث ذلك لا بد ، وأن تتبع الجماعات الأخرى بعض الوسائل ، فى محاولة تلميع فكرتها وإجلاء الصدأ العالق بها ، حتى يخيل لذوى العقول أن تلك الفكرة دون سواها هى الأصح .
الكتاب يتحدث عن مشاعر الجماعات وأخلاقها ، ثم يتطرق لمشكلة الأفكار الدينية التى تصطبغ بها الجماعات ، كيف هى أشد الأفكار تشدداً وتعصباً نظراً لأنها تقع للأفراد بمنزلة المعتقد الثابت ..
وهنا يعلق الكاتب " ومما قضت به سنة الوجود حتى الآن أن كل أمة أصبحت متمكنة من تغيير معتقداتها ، لابد له عاجلاً أو آجلاً من تغيير أركان حضارتها ، فهى تغير وتبدل فيها حتى تهتدى إلى معتقد جديد عام ترضاه النفوس وتعيش فى فوضى حتى تعثر عليه ، فالمعتقدات هى دعائم الحضارة التى لابد منها ، فهى التى ترسم الطريق للأفكار .."