قواعد العشق الأربعون > مراجعات رواية قواعد العشق الأربعون > مراجعة مبارك الهاجري

قواعد العشق الأربعون - إليف  شافاق, محمد درويش
تحميل الكتاب

قواعد العشق الأربعون

تأليف (تأليف) (ترجمة) 4.3
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
3

بدايةً لم أحب تبريزي شافاق، وإن كنتُ لا أعرف عن التبريزي الحقيقي شيئاً، فالمسحة الملائكية التي أضفتها إليف على الشخصية بحرص تجاوزت المألوف في البياض إلى أن أصبح باهتاً. ما هذه الشخصية التي يرتبك أمامها الجميع في كل حوار؟ حتى لو كان صاحب أثرٍ فيه: كذلك المعلم الذي حاوره أمام طلابه، وكالتحول الذي لا يشي بأي مبدأ حقيقي كان يتكئ عليه الرومي، وكأنه لم يكن عالم دينٍ يوماً ما، الجميع يرتبك: كيرا ، كيميا، سلطان ولد، وعلاء الدين، وبيبرس وهؤلاء الاثنين يمقتانه لكنهما يرتبكان أمامه، ثم لا تخفي إليف هالته المطبوعة على أعدائه من الإعجاب الخفي بشخصيته وإن كانوا قد اتهموه بالكفر والزندقة والسحر. العجيب أنه حينما كانت إليف تجعل من شمس ناقداً أكبر لرؤية الحياة من وجهة نظر واحدة، كانت هي بنفسها وبأداتها تدعو إلى وجهةٍ نظر واحدة، فأظهرت مخالفيه أو مخالفي معتقده كأنهم بهائم لا يفهمون من الحياة إلا ظاهرها حتى الرومي بالمناسبة قبل مجيء شمس، كان مجرد خطيب وفقيه ربما لا علاقة له بالروح بل إن روحه فارغة من الإيمان الحقيقي الذي يركزه شمس.

الرواية متعددة الأصوات، وهذا جعل من حركة الانتقال السردي سلسلةً خفيفةً على القارئ رغم الخمسمائة صفحة؛ لكنها في الوقت نفسه حينما كانت تتحدث بألسنتهم لم تظهر لنا التقنية أو الكيفية التي جمعت بها تلك الأصوات، لمن كانوا يتحدثون بالنهاية؟ هل هي رسائل ما؟، وهل جميع الشخصيات الواردة التي أسمعتنا صوتها في الرواية تجيد كتابة الرسائل؟ إذا ما كانت رسائل!

لستُ متأكداً من إتقان هذه التقنية هل يلزمها رابط يجمع تلك الأصوات في مفهوم يوهمنا بحقيقية حديثها حينما تحدث أم أن في الأمر سعةً من أن يأتي هكذا دون إيعاز أو ترتيب؟،,

في فصل وردة الصحراء الأول حينما تحدثت عن طفولتها تقع شافاق في شرخ فني كبير لم تتنبه له وهذا يهوي بمصداقية الوهم الذيذ الذي تقدمه لنا الرواية أو العمل القصصي، فهي تذكر أن أمها حملت وهي في سن السابعة، وماتت حين الولادة. أخوها الناجي الوحيد وهما كانا توأم في بطن أمها، أبوه يسيء معاملته وهو ابن سنة! وهذه لا إشكال فيها؛ لكن المشكل هو أنها جعلته صبياً وفتى يافعاً حينما يخرج مع أصدقاء السوء ثم يتورط في قتل أبيه وزوجته التي تزوجها بعد سنة ثم هروبه، كل هذا وهي تقول حينها أصبح عمري ثلاثة عشر سنة، يعني أن هذا الطفل فعل فعلته وهو ابن ستة أعوام!

أجادت إليف طبع بعض أماكن الرواية في ذاكرة القارئ، كانت حريصةً في أحيان كثيرة على بعض اللمسات الأخيرة التي تجعل للمكان دوراً كالمرتفع الذي قبل المبغى، والحانة التي يمرُّ في طريقها الرومي عائداً من مسجده، وتكية الدراويش قبل أن يرحل إلى قونية.

أحببتُ حكاية إيلا في البداية وكنتُ أتشوق لاقتطاعها زمن التبريزي والرومي، ثم حدث التحول لصالح الأحداث هناك ثم كانت الحقيقة أن أقف بينهما وهما يخرجان بنفس المخرج، حينما عرفت أن عزيزاً أصبح شمساً آخر وإيلا التي أوشكت أن أتكون الرومي،.

نسيتُ أن أذكر بأن صوت الشخصيات التي تكره شمس حينما كانت تروي كانت تذكر شمساً باسمه دون أدنى علامةٍ لمشاعرها على الاسم الملفوظ، رأيتُ شمساً، خرج شمس، انتظرتُ شمساً وكأنه ما من عداوةٍ بينهما بل هي الحميمية، وهذا نتوءٌ في أساس البناء المتساوي، فشخص كبيبرس وعلاء الدين لا يصح حينما يتحدثان بأصواتهما أن تبدو على الملفوظ الذي يرمزان له بشمس أن يكون طبيعياً حتى، لا بد أن تغلفه المشاعر التي تكنها أنفسهم له.

قواعد العشق التي نفثها شمس التبريزي لم تكن خارقة للعادة، أو محملة بالمعاني المدهشة التي تصيب القلب الخالي في مكمنه، كما صورت إليف ذلك لنا، على العكس كان كلاماً عادياً يستطيع معظم الأشخاص قوله متدثرين بدثار الحكمة الذي لم يتم نسجه بعد.

في الرواية ما يتسحق القراءة، وفيها ما لا يستحق، كانت بين أن ترفرف بإبداع، وبين أن تهوي بجناحيها. رنّقت أحياناً وحلقت بعيداً وقريباً أحياناً أخرى، لكنها يصيبها النصب فتأوي إلى الأرض كأنها تهوي، ثم تقف على غصن شجرة، فما إن تستروح حتى يعلق جناحها حينما تحاول أن تطير مرةً أخرى.

Facebook Twitter Link .
10 يوافقون
2 تعليقات