الأمير > مراجعات كتاب الأمير > مراجعة أمل لذيذ

الأمير - نيقولا مكيافيللي, ياسر عبد الحسين, محمد لطفي جمعة
تحميل الكتاب

الأمير

تأليف (تأليف) (تقديم) (ترجمة) 4
تحميل الكتاب
هل قرأت الكتاب؟
  • قرأته
  • أقرؤه

    الى أين وصلت في القراءة؟

  • سأقرؤه

    هل بدأت بالقراءة؟نعم


لا يوجد صوره
0

مقولة "الغاية تبرر الوسيلة" كفيلة بتهييج مشاعر معادية للتوجه الذي تعكسه حسب رؤية عدد ليس بالقليل من الجماهير ،فهم يرون بأن هذه المقولة إرتكبت تحت ظلالها جرائم مشينة ،و إستبيحت حقوق مظلومين تحت إشرافها، و إنطمست القيم الأخلاقية الجميلة و المعهودة في رحاها ،و توزعت المطالب المشروعة للمستضعفين على من سلبوهم حقوقهم و كأنها غنائم و مكاسب بتحريض منها ،فهي عبارة إقترنت في عقول الناس بتشريع الجور ،و في قلوب الناس بتسويغ القهر ،و هناك من يعتنقون هذه العبارة في الخفاء و يمارسون ما تمليه عليهم ،و هناك من يجهرون بها و بالإمتثال لها و يتبارون في طرق تنفيذها ،وهناك من يرفضون أن يطبقوا هذه العبارة في حياتهم و يستنكرونها ، والسؤال الذي يتبادر للأذهان عادة حولها هو : هل كل الوسائل مقبولة و مشروعة طالما أن النوايا كانت نبيلة ؟ و تلحق هذا السؤال أسئلة أخرى و منها : ما هو أقصلى حد لتطرف الوسائل المراد بها تحقيق المصالح؟ و هل تفسد النوايا مهما كانت صادقة غذا فسدت السبل؟ و ما هي الغايات و النوايا الطاهرة و الحسنة؟ هل هي متفق عليها أم مختلف عليها ؟

و الآن لنعود لأصل الجملة فهي إقتطعت من رسالة كتبها نيكولا ميكافيللي لأمير جديد على معتركات الحكم ،و هو كتبها لهذا الأمير بالتحديد ليرتفع شأنه ،و يحصل على منصب من أميره ،و أيضا كما ذكر لتتوحد إيطاليا ، فكان كتاب (الأمير) الذي إنتشر و وزع من قبل أحد أبطاله و هو من عرف عنه لجؤه لأساليب قمعية ،و كانت هذه هي الوصمة السلبية الأولى للكتاب و هي متبنيه الأول و من بعد ذلك إطلعت الجماهير على الكتاب ،و أخذ عدد منهم موقفا عدائيا من الكتاب، و عارضه الكثيرون و ردوا عليه بمؤلفات ليدحضوا آراء ميكافيللي ،وحاربه عدد من رجال الدين،و كانت قمة الذروة في تماهي الحنق تجاه الكتاب هو جعله من الكتب الممنوعة ،و لكن الكتاب تمكن من إختراق طريقه لدخول أعرق الجامعات، و لتناقشه مجادلات أكبر العلماء قديما و حديثا ، هذا تم و الكتاب معروف عنه بإنه المفضل لعدد من الطغاة الذين قاموا بمحاكاة ما فيه و منهم على سبيل المثال هتلر و ستالين ، فمع الأيام أصبح إسم ميكافيللي مرتبطا بالخديعة ، و الشخص الماكر كان يطلق عليه ميكافيللي كما كان منتشرا في في الأدب و أيضا بين عامة الناس و مثقفيهم ، و المترجم للنسخة العربية بين في مقدمته بأنه قام بالترجمة ليس بغرض الترويج أو الترحيب بآراء ميكافيللي و إنما لمعرفة الخلفية التي دفعت ميكافيللي لكتابة رسالته، و ماهية هدفه ،و لفهم محتواها ،و ليس لتبرير ما فيها ، و على كل حال فإن الكتاب لا يزال يتداول و يترك تساؤلات كثيرة خاصة أن هناك من مارسوا النقاط الرئيسة التي فيه ،و هم ممن أدانتهم المجتمعات الدولية لتوجه أيضا أصابع الإدانة لميكافيللي مجددا !

أسلوب ميكافيللي في رسالته إستفز البعض لإنه كان لا ينمق الكلمات للأمير في عرضه لطرق تثبيت حكمه،طرق منها ما تلطخت بالدم، و منها ما شابها إلغاء القيم ، ومنها ما إشتملت على الخبث و غيرها من الطرق التي تهز كيان الجماهير المقهورة، فميكافيللي وضع في كتابه خطوات محكمة و مقننة للتجهيز لإستعمار الدول و إحتلالها ، و أرسى فكرة إلهاء الشعوب بالحروب الحالية و الإعداد لحروب قادمة و يرى بأنها تفيد الحاكم ،لإنها تجعله يقظا و متنبها و مطلعا و مقربا من شعبه و تعزز مكانته لديهم ، و وصل الحد بميكافيللي إلى تصنيف الشعوب المحتلة و وضح لأميره كيفية فرض سلطته عليها حسب التصنيف ،و أيضا قام بتحليل ردات فعل الشعوب المحكمة و كيفية جعل ما لديها من ولاء للحاكم ،و ميكافيللي تفنن في تبيين ذلك الجانب مع تضاعف الشبهات التي تحوم حول تعليلاته و شروحاته، فميكافيللي أراد لأميره أن يحمل سيفا نفعيا حتى النخاع و هو يدير بلده ، وهو أخبر أميره بأن تمكنه من ذلك و إن أرقيت بعض الدماء فهي من أجل النفع العام حسب منظور ميكافيللي ، و هذا المنظور ينتهج النهج ذاته لإسترجاع الإمارات التي خرجت عن سلطة أميره و في بعض النقاط يبدو أشد و أكثر قسوة ،و أحيانا أكثر خبثا و لؤما ،و كأن لسان الحال يقول ما الضير إذا ذهبت بعض النفوس في سبيل بقاء العروش ! و من المذهل أن أول نفوس نصح ميكافيللي أميره بالتخلص منها هي النفوس التي أوصلته للسلطة و ساندته من بعد أن خانت من سبقه ، و كأن المقصود أن جزاء الخائن هو قتله بالخيانة.....

و في النهاية ،كتاب (الأمير) لميكافيللي ،يشكل صدمة للمبادئ الخلقية العفيفة و مع ذلك فإن ما فيه لا يدخل المحاورات لتقليب ما فيه فحسب ، فهناك من يتخذون الكتاب كمرجعية حياتية لهم سواء إتفقنا أو إختلفنا معهم !

Facebook Twitter Link .
1 يوافقون
اضف تعليق